ولا دليل في الشرع يقطع به على أنه ناقض، لأن معول المخالفين في ذلك على قياس أو أخبار آحاد، وليس فيهما ما يوجب العلم، وهذا بعينه قائم في المذي، فكيف تبني أحد الأمرين على الآخر؟ وليس ينفرد الأصل في العلم عن الفرع.
فإن قيل: هذا ينقض كل ما قدمتموه، لأن وجوب مسح الرجلين إنما تعلمونه بإجماع الإمامية عليه، وهذا الإجماع بعينه قائم في جميع ما بنيتموه عليه.
قلنا: قد قدمنا أن الطريق إلى معرفة صحة ما أجمعت عليه الإمامية هو إجماعهم، وإنما استأنفنا طريقا يتمكن من مناظرة الخصوم به من غير انتقال إلى الكلام في الإمامة، فسلكنا ما سلكناه من الطرق راجعة إلى إجماع الأمة، كلها مما يتفق على أنه حجة، وإلا فإجماعهم كاف لنا في العلم بصحة ما أجمعوا عليه.
على أنه غير منكر أن يكون الشيعة 1 ناظر في وجوب مسح الرجلين إلى الدلالة بالآية على ذلك، من غير أن يفكر في طريقة الإجماع من الطائفة، فيعلم بالآية صحته من غير علم بما يريد أن ينبه عليه من وجوب موالاة أو ترتيب أو غير ذلك، لم يبتني المسائل على الطريقة التي ذكرناها، ويصح بناؤه بصحة علمه بالأصل من غير أن يعلم الفرع.
ولهذه الجملة لا يصح أن يبتنى أن الطلاق في الحيض لا يقع على أن الطلاق بغير شهادة لا يقع، ولا أنه بغير شهادة لا يقع على أنه في الحيض لا يقع، لأنا إنما نعلم الجميع بطريقة واحدة، وهي أن تأثير الطلاق حكم شرعي لا يثبت إلا بأدلة الشرع، ولا دليل على ثبوت الفرقة بالطلاق في الحيض ولا بغير شهادة،