الموالاة على هذا الوجه أوجب الترتيب، لأن مالكا وإن أوجب الموالاة فإنه يوجبها على من أداه اجتهاده، إليها، ويسقطها عمن أداه الاجتهاد إلى خلافها، وليس يوجبها على كل حال إلا الإمامية.
وليس يجوز لك أن تبني الموالاة على الترتيب في الاستدلال، كما بنيت الترتيب على الموالاة، وذلك أن معنى ظاهر الكتاب يدل على وجوب الموالاة، وهو آية 1 الطهارة، لأنه أمر فيها بغسل هذه الأعضاء، والأمر بالعرف الشرعي يدل على الفور.
فالآية تقتضي غسل كل عضو عقيب الذي قبله، وليس معنى في وجوب الترتيب مثل ذلك، فإن آية الطهارة لا يوجب بظاهرها الترتيب، والواو غير موجبة له لغة، وإنما نقول في إيجاب الواو للترتيب في الشرع في أخبار آحاد، وليست عندنا حجة في مثل ذلك، فبان الفرق بين الأمرين.
وليس كذلك 2 أن تبنى مسألة على أخرى، وما دل على ما جعلته أصلا يدل على الفرع ويتناوله، فإن ذلك لا يصح، لأن العلم بحكم المسألتين يحصل في حالة واحدة، فكيف تبنى واحدة على الأخرى.
وإنما يصح أن تبنى مسألة على أخرى فيما ينفرد العلم بالأصل عن العلم بالفرع.
مثال ذلك: لا يجوز أن تبنى القول بأن المذي لا ينقض الطهر على أن الرعاف أو القئ لا ينقضه، لأنا إنما ندل على أن الرعاف أو القئ لا ينقض الطهارة، بأن نقض الطهارة حكم شرعي لا يقتضيه أصل العقل.