ما تضمنه الحديث الأول من قوله عليه السلام الزم الحمام غبا هو بكسر الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة ولعل المراد به هنا ان يدخل الحمام يوما ويتركه يوما كما أن الغب في الحمى ان يأخذ يوما ويترك يوما و (المغبة بالتشديد الشاة التي تحلب يوما وتترك يوما) ويمكن ان يكون مراده عليه السلام ان يدخله في كل أسبوع ومنه زر غبا تزدد حبا فقد فسره في الصحاح والقاموس بان يكون الزيارة في كل أسبوع لكن الأول هو الأظهر ويدل عليه ما رواه في الكافي عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال الحمام يوم ويوم لا يكثر اللحم وادمانه في كل يوم يذيب لحم الكليتين والسل قرحة في الرية ويلزمها حمى هادية دقية وقد يطلق عند بعض الأطباء على مجموع اللازم والملزوم وربما يستفاد من ظاهر الحديث الثاني ان النورة في أقل من خمس عشرة ليست من السنة لكن الظاهر أن مراده عليه السلام ان السنة ان لا يزيد مدة التقاعد عنها على خمس عشرة لا انها لا تنقص عن ذلك ويدل عليه ما رواه في الكافي ان الصادق عليه السلام أطلا وامر ابن أبي يعفور وزرارة بالاطلاء فقالا فعلنا ذلك منذ ثلث فقال عليه السلام أعيدا فان الاطلا طهور ولفظة استقرض كأنها مضمنة معنى الاعتماد والتوكل فلذلك تعدت بما يتعديان به وما تضمنه الحديث الثالث من اكتحال النبي صلى الله عليه وآله رابعا في اليمنى لا يخالفه ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال من اكتحل فليوتر لحمل الايتار على كلتا العينين معا والظاهر أن المراد بالطيب في الحديث الخامس كلما يتطيب به من أي الأنواع كان وقد عرفه بعض الأصحاب في محرمات الاحرام بأنه جسم ذو ريح طيبة يتخذ للشم غالبا غير الرياحين فيدخل فيه المسك والعنبر وماء الورد وأمثالها وسيجئ الكلام المستوفى في كتاب الحج انشاء الله تعالى وقد ورد في الحث على الطيب أحاديث متكثرة تتضمن انه من أخلاق الأنبياء وانه يقوى القلب ويزيد في الباه ويحفظ العقل وان صلاة متطيب أفضل من سبعين صلاة بغير طيب وان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن وان ما أنفق في الطيب فليس بسرف وان رسول الله صلى الله عليه وآله كان ينفق في الطيب أكثر ما ينفق في الطعام (و الحديث التاسع صريح في كراهة قراءة القرآن لاختبار الصوت ان لم نقل بدلالته على التحريم والظاهر عدم زوال الكراهة والتحريم لو ضم القربة إلى ذلك لان قوله عليه السلام ولا يريد ينظر كيف صوته شامل لضم القربة وعدمه ولا فرق في ذلك بين الحمام وغيره وذكر الحمام لأنه هو الذي يتوهم كراهة القرآن فيه كما ينبئ عنه الحديث الثامن) وما تضمنه الحديث العاشر من الختم باليمين يراد به الختم بخنصرها وقوله عليه السلام في الحديث الثاني عشر ولو بحكها اما جار ومجرور أو فعل مضارع والضمير للأظفار والظاهر أن المراد بالشعر في الحديث الثالث عشر شعر الرأس وباستيصاله حلقه والدرن بالتحريك الوسخ وعطف الوسخ عليه لعله للتفسير ويمكن ان يراد بأحدهما الزهومة ويكون العطف من عطف الخاص على العام أو بالعكس وما تضمنه من تغليظ الرقبة مذكور في الكتب الطبية أيضا والظاهر أن هذا من قبيل الخواص وقد ذكر الأطباء في تعليله وجوها لا يشفى العليل كقولهم ان غذاء الشعر بعد الحلق يفضل عنه فيصرف إلى أعضاء الرأس والرقبة وكقولهم ان الحلق توجب حرارة جاذبة للغذاء إلى الرأس والرقبة إذ لو تم هذان الوجهان لاقتضيا كبر الرأس أيضا بل هو أولى بذلك من الرقبة فكيف اختص الغلظ بها دونه وأيضا فحيث ان تولد الشعر من البخار الدخاني الذي تحلل ما فيه من الاجزاء المائية الأشياء يسيرا يتماسك به الاجزاء الأرضية فغذاؤه لا يصلح ان يغذو أعضاء الرقبة ويمكن ان يقال المراد بتغليظ الرقبة تغليظ عظامها فقط و حيث إن العظم أيبس الأعضاء بعد الشعر وأكثرها أرضية فلا بعد في تغذيه بغذائه عند عدمه واما عظام الرأس فلكونها أدسم وأقل يبوسة من عظام الرقبة تكون أبعد عن مناسبة غذاء الشعر فلذلك اختص به عظام الرقبة لكن لا يخفى ان لقائل ان يقول إن شعر الوجه كالحاجبين واللحية أقرب مناسبة من العظام فكان ينبغي ان ينصرف غداء شعر الرأس إليهما
(١٣٠)