ثالث نحو قولنا كل ممكن حادث وكل واجب قديم فإنه يلزم منه لا شئ من الممكن بواجب وأجاب العلامة في المختلف عن هذا الاستدلال بمنع كون الامر في قوله تعالى وسلموا تسليما للوجوب وعلى تقدير كونه للوجوب فهو لا يقتضي التكرار فيكفي المرة وعلى تقدير اقتضائه التكرار فهو لا يقتضي وجوب ما يدعونه من تسليم الصلاة لان المأمور به هو التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وهو غير تسليم الصلاة فما تدل عليه الآية لا يقولون به و ما تقولون به لا تدل عليه الآية هذا حاصل كلامه ره وناقشه بعضهم بان كون الامر للوجوب مما ثبت في الأصول وقد شيد طاب ثراه أركانه في كتبه الأصولية وانه متى ثبت وجوب التسليم في الصلاة مرة ثبت التكرار إذ لا قائل بالفصل وبأن الامر في الآية مطلق وعطف المطلق على المقيد لا يوجب تقييده وللكلام في هذه المناقشات مجال والله أعلم بحقيقة الحال واحتج القائلون باستحباب التسليم بوجوه الأول ما تضمنه الحديث العاشر من صحة صلاة من أحدث قبل التسليم ولو كان واجبا لبطلت إذ لا خلاف في بطلان الصلاة بتخلل الحدث في أثنائها الثاني ما تضمنه الحديث الحادي عشر من انقضاء الصلاة بالفراغ من الشهادتين فلو كان واجبا لم ينقض الصلاة الا بالفراغ منه الثالث ما تضمنه الحديث الثاني عشر من صحة صلاة من زاد خامسة إذا جلس في الرابعة بقدر التشهد ولو كان التسليم واجبا لكان الزيادة في أثناء الصلاة فتبطل الرابع ما تضمنه الحديث الثالث عشر من أن المضطر للانفراد عن الامام يتشهد وينصرف ولو كان التسليم واجبا لقال يتشهد ويسلم وينصرف الخامس ما تضمنه الحديث الرابع عشر من الانصراف بعد التشهد من غير ذكر للتسليم السادس ما تضمنه الحديث العشرون من أن الالتفات في المكتوبة قبل الفراغ منها مبطل وان كان بعد التشهد لم يبطل فإنه يدل على حصول الفراغ من الصلاة بالتشهد لا بالتسليم السابع ما تضمنه الحديث السادس والعشرون من أن الذي نام قبل التسليم فقد تمت صلاته الثامن ما تضمنه الحديث السابع والعشرون من قوله عليه السلام لمن لم يسلم لا بأس عليك التاسع ما نقل من قوله عليه السلام انما صلاتنا هذه تكبيرة وقراءة وركوع وسجود ولم يذكر التسليم ولو كان واجبا لذكره والا لاختل الحصر واما الذكر في الركوع والسجود فداخل تحتهما العاشر ان النبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه الرجل المسئ في صلاته وقد مر خبره في بحث السجود ولو كان واجبا لبينه له لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فهذه الدلائل العشرة أجود ما استدل به الذاهبون إلى الاستحباب وأنت خبير بان للكلام فيها مجالا واسعا اما الأول ففيه انه انما يدل على أن التسليم ليس جزء من الصلاة وهو لا يستلزم المطلق فان كونه واجبا خارجا عنها كما ذكره بعضهم ودلت عليه الاخبار المتكثرة محتمل على أن الحكم ببطلان الصلاة بتخلل الحدث من غير خلاف ان أريد تخلله قبل استيفاء الأركان فسلم لكن لا ينفعكم وان أريد تخلله بعد استيفائها فالخلاف فيه مشهور والصدوق ره قائل بعدم البطلان به كما تضمنه صحيحة زرارة وموثقته وبما قلناه يظهر الكلام على الدليل الثاني والثالث بل لعل في الثاني دلالة على وجوب التسليم كما يستفاد من تعليقه عليه السلام الاجزاء على قوله فسلم و اما الدليل الرابع فلان مجرد السكوت عن ذكر التسليم لا يدل على عدم وجوبه فلعل سكوته عليه السلام لظهور ان الانصراف من الصلاة لا يكون الا به مع أن الصادق عليه السلام لم يسكت عنه في الحديث التاسع على أن السكوت الكاظم عليه السلام عنه ممنوع؟ فان الانصراف في قوله عليه السلام وينصرف الظاهر أنه عبارة عن التسليم كما يعطيه قوله عليه السلام في الحديث الثاني وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ومما يشهد لمجئ الانصراف بمعنى التسليم ما رواه أبو كهمش عن الصادق عليه السلام
(٢٥٧)