فأنت معقب فالظاهر أن مراده عليه السلام ان لمستديم الوضوء مثل ثواب المعقب لا انه معقب حقيقة وهل يشترط في صدق اسم التعقيب شرعا اتصاله بالصلاة وعدم الفضل الكثير بينه وبينها الظاهر نعم وهل يعتبر في الصلاة كونها واجبة أم يحصل حقيقة التعقيب بعد النافلة أيضا اطلاق التفسيرين السابقين يقتضي العموم وكذلك اطلاق رواية ابن صبيح وغيرها و التصريح بالفرائض في بعض الروايات لا يقتضي تخصيصا بها والله أعلم وقد ورد في فضل التعقيب والترغيب فيه أحاديث متكثرة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم ففي مرسلة منصور بن يونس عن الصادق عليه السلام أنه قال من صلى صلاة فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله وحق على الله ان يكرم ضيفه وقد ورد في تفسير قوله تعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب عن الباقر والصادق عليهما السلام إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وأرغب إليه في المسألة يعطك وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء (ولينتصب) في الدعاء فقال ابن سبا يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان قال بلى قال فلم يرفع يديه إلى السماء قال اما تقرء وفي السماء رزقكم وما توعدون فمن أين يطلب الرزق الا من موضعه وموضع الرزق وما وعد الله السماء وقد تضمن الحديث الأول أفضلية الدعاء بعد الفريضة عليه بعد النافلة وهذا لا يقتضي كون الدعاء بعد النافلة تعقيبا كما قد يتوهم وما تضمنه الحديث من تفضيل الفريضة على النافلة مما لا كلام فيه وان كانت الفريضة أقل مشقة فصلاة ركعتي الصبح مثلا أفضل من صلاة الف ركعة نافلة ولا اختصاص لذلك بالصلاة بل الواجب أفضل من الندب مطلقا الا موارد يسيرة ربما استثنيت من ذلك قد دل على تفضيل الواجب على الندب الحديث القدسي المشتهر بين الخاصة والعامة ما يتقرب إلي عبدي بشئ أحب مما افترضت عليه الحديث وقد رواه حجة الأسلم محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه في الكافي بسند صحيح ورواه العامة أيضا في صحاحهم وبالجملة فهو من الأحاديث المتفق على صحتها من الطرفين وقد بسطت الكلام فيه في كتاب الأربعين حديثا وبه يتخصص ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من أن أفضل الأعمال أحمزها وقد استثنى بعض علمائنا من قاعدة تفضيل الواجب على الندب مواضع ذكروا ان الامر بالعكس كالابراء من الدين فإنه مستحب وهو أفضل من الانظار وهو واجب وكابتداء السلام فإنه أفضل من رده وكالصلاة المعادة بالجماعة بالنسبة إلى الأولى وكالصلاة في البقاع الشريفة بالنسبة إلى الصلاة في غيرها وأنت خبير بأنه يمكن المناقشة في الأول بان الواجب عدم مطالبة المعسر سواء حصلت في ضمن الانظار أو الابراء لكن حصوله في ضمن الابراء أفضل الواجبين و قس عليه المناقشة في الرابع بل هي فيه أظهر وما تضمنه الحديث الثاني من تفضيل الدعاء على قراءة القرآن في الصلاة لا يدل على تفضيل المستحب على الواجب فلعل المراد بالقراءة ما عدا القراءة الواجبة ان قلنا باستحباب السورة أو المراد بالدعاء القنوت ان قلنا بوجوبه ولو أريد بالقراءة والدعاء الواقعان بعد الصلاة في تعقيبها فلا اشكال و ما تضمنه الحديث الثالث من تفضيل تسبيح الزهراء عليها السلام على صلاة الف ركعة مما يوجب تخصيص حديث أفضل الأعمال أحمزها اللهم إلا أن يفسر بان أفضل كل نوع من أنواع الأعمال أحمز ذلك النوع وبه يندفع الاشكال المشهور في قوله صلى الله عليه وآله نية المؤمن خير من عمله هذا والأحاديث عن أئمتنا سلام الله عليهم في الحث على تسبيح الزهراء
(٢٦٠)