الصلاة بين الترك والاثبات إذ كل منهما متواتر وهذا يقتضي الحكم بصحة صلاة من ترك البسملة أيضا لأنه قد قرأ بالمتواتر من قراءة حمزة وأبي عمرو وابن عامر وورش عن نافع وقد حكموا ببطلان صلاته فقد تناقض الحكمان فاما ان يصار إلى القدح في تواتر الترك وهو كما ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضية وان عقدوها كلية ويجعل حكمهم هذا تنبيها على تطرق الاستثناء إليها فكأنهم قالوا كلما تواتر يجوز القراءة به في الصلاة الا ترك البسملة قبل السورة وللكلام في هذا المقام مجال واسع والله أعلم بحقايق الأمور وما دل عليه الحديث الخامس والسادس من كفاية تلاوة البسملة في الفاتحة عن تلاوتها مع السورة لا اشكال فيه على القول بعدم وجوب قراءة السورة فإنه إذا جاز تركها جاز تبعيضها ويمكن حملهما على التقية كما يحمل الحديث السابع المتضمن جواز تركها في الفاتحة عليها وما تضمنه الحديث الثامن من جواز الاقتصار على الفاتحة إذا أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا يدل بمفهومه الشرطي على ما أطبق عليه جمهور المتأخرين من وجوب السورة كما هو مذهب الشيخ وابن أبي عقيل وابن إدريس والمرتضى رضي الله عنهم وكذا ما تضمنه الحديث التاسع من الامر بقراءة سورة التوحيد والحديث العاشر من اشتمال التبعيض في الفريضة على الباس وكذلك أحاديث اخر غير نقية الأسانيد كرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجوز للمريض ان يقرأ فاتحة الكتاب وحدها ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار ورواية منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا يقرء في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر ورواية يحيى بن عمران الهمداني انه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العياشي ليس بذلك بأس فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم انف العياشي وربما يستدل أيضا بقوله تعالى فاقرأوا ما تيسر من القرآن خرج ما عدا الحمد والسورة بالاجماع فبقيتا وذهب الشيخ في النهاية وابن الجنيد وسلار والمحقق في المعتبر إلى استحباب السورة ومال إليه العلامة في المنتهى ويدل عليه الحديث الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والحديث التاسع من الفصل الآتي وأحاديث أخرى غير نقية الأسانيد كما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن السورة أيصلي الرجل بها في ركعتين من الفريضة فقال نعم إذا كانت ست آيات قرء بالنصف منها في الركعة الأولى والنصف الآخر في الركعة الثانية وما رواه أبان بن عثمان عمن اخبره عن أحدهما عليهما السلام قال سألته هل يقسم السورة في ركعتين فقال نعم اقسمها كيف شئت ووجه الدلالة ظاهر فان جواز التبعيض نص في الاستحباب وأدلة الوجوب و ان اعتضدت بالشهرة انها لا تخلو من ضعف بحسب الدلالة أو بحسب السند اما الأول فلان تجويز الاقتصار على الفاتحة لاعجال مطلق الحاجة الشاملة للضرورية وغيرها لا يجامع الوجوب وثبوت الباس أعم من التحريم واما الثاني فلدلالته على وجوب قراءة سورة التوحيد للغالط ولا قائل به فلا مندوحة عن حمل الامر فيه على الاستحباب واما الثالث فلان الكراهة فيه أعم من التحريم كثبوت البأس واما الرابع فلضعف دلالة المفهوم واما الخامس فلان النهي فيه عن قراءة ما نقص عن سورة وما زاد عليها والنهي عما زاد محمول على الكراهة جمعا بين الاخبار على ما سيجئ في الفصل الآتي انشاء الله تعالى فكذا ما نقص تفصيا عن استعمال النهي في حقيقته ومجازه معا واما السادس فلكونه مكاتبة والكاتب
(٢٢٤)