بل لا يحكم بالزوال الا بعد مضي وقت صالح ولا يجوز المبادرة بالصلاة عند ابتداء الميل المذكور قطعا وذلك لان الشمس كل ان في مدار (فلا) فيكون طولا الظلين حال كون الشمس في نقطتين متساويين بل الظل في الأولى أطول منه في الثانية تارة وأقصر أخرى إذ الشمس ما دامت في النصف الصاعد يكون في النقطة الثانية أقرب إلى سمت الرأس منها في النقطة الأولى فيكون الظل حينئذ أقصر منه حين كونها في النقطة الأولى فلا يخرج حتى يصير بعد الشمس عن دائرة نصف النهار أزيد من بعدها الأول عنه وبالجملة حتى يتجاوز الشمس النقطة الثانية وما دامت في النصف الهابط تكون في النقطة الثانية أبعد عن سمت الرأس منها في النقطة الأولى (فيكون الظل حينئذ أطول منه حين كونها في النقطة الأولى) فيخرج قبل صيرورة بعد الشمس عن دائرة نصف النهار مساويا لبعدها الأول وبالجملة قبل وصول الشمس إلى النقطة الثانية ومن هذا يظهر ان النصف الشمالي من خط نصف النهار المستخرج ينحرف يسيرا إلى جانب المشرق عن خط نصف النهار الحقيقي أعني الفصل المشترك بين دائرة نصف النهار والأفق إذا عملت الدائرة الهندية حال كون الشمس صاعدة والى جانب المغرب إذا عملت حال كونها هابطة فالحكم في الصورة الأولى بدخول وقت الزوال عند ابتداء ميل الظل عن خط نصف النهار المستخرج إلى جانب المشرق صحيح (لا مرية فيه بل الحكم بذلك عند انطباق وسط الظل على ذلك الخط صحيح) أيضا كما لا يخفى واما في الصورة الثانية أعني صورة الهبوط فلا يصح الحكم بالزوال الا بعد مضي مقدار من الزمان يحكم فيه بميل الظل عن خط نصف النهار الحقيقي فقد استبان لك ان اطلاق الحكم بالزوال في الصورتين معا بابتداء ميل الظل عن خط نصف النهار المستخرج غير مستقيم والصواب تخصيصه بما إذا عملت الدائرة والشمس صاعدة نعم لو عمل بنوع من التعديل كما (ستسمعه) عن قريب في بحث القبلة انشاء الله تعالى أو عمل الدائرة في يوم تكون الشمس في نصف نهاره في إحدى نقطتي الانقلاب لاستقام في الصورتين معا لكن تحققه لا يخلو من اشكال ان قلت فكيف استقام اطلاق جماعة من الفقهاء وغيرهم عمل الدائرة الهندية لاستعلام القبلة من دون تخصيص بوقت وكيف لم يلتفتوا إلى التعديل الذي ذكره بعض علماء الهيئة ولا خصوا عمل الدائرة يوم الانقلاب مع أن المدار في ذلك على استخراج خط نصف النهار بالدائرة المذكورة وهو على ما ذكرت منحرف في الحقيقة عن خط نصف النهار الحقيقي فكيف جاز لهم التعويل عليه هناك ولم يجز هنا قلت بين المقامين بون بعيد فان قبلة البعيد هي الجهة لا العين والجهة امر متسع لا يخرج المصلي عنها بالميل اليسير فلم يحصل بتعويلهم على ذلك الخط المستخرج خلل فيما هو مقصود هم من استقبال الجهة فلم يلتفتوا إلى التعديل وما يجري مجراه لعدم احتياجهم في تحصيل جهة القبلة إليه بخلاف الحكم بدخول وقت الزوال فإنه ليس من هذا القبيل والله الهادي إلى سواء السبيل ومنها العمل بالأسطرلاب وهو مذكور في (بعض) كتب الفروع أيضا وذلك بان يستعلم ارتفاع الشمس عند قرب الزوال انا بعد أن فما دام ارتفاعها في الزيادة لم تزل وإذا شرع في النقصان فقد تحقق الزوال والعمل المشهور في ذلك أن تصنع درجة الشمس على خط وسط السماء في الصفحة المعمولة لعرض البلد ثم ينظر ارتفاع المقنطرة الواقعة عليها حينئذ وينقص منه درجة أو أقل فإذا بلغ الارتفاع الغربي مقدار الباقي فقد زالت الشمس ونحن انما عدلنا عن هذا الطريق لابتنائه على مقدمات لا يخلو تحققها من اشكال ومنها العمل بالشاقول وطريقه ان تعلق شاقولا على ارض مستوية قبيل الزوال وتخط على ظل خيطه خطا بعد سكون اضطرابه ويستعلم الارتفاع الشرقي للشمس في ذلك الوقت وتحفظه ثم تستعلم ارتفاعها الغربي فإذا بلغ ذلك المقدار تخط على ظل الخيط خطا آخر فان قاطع الخط الأول كما هو الغالب فالخط
(١٣٨)