في الذكرى عن ابن طاوس من أنه مال إلى رفع النجاسة بكل ما روى لا يخرج في الحقيقة عن قول القميين فان الظاهر أنه يحمل الزائد عليه على الندب واما التقدير ببلوغ الماء إلى نصف الساق وإلى الركبة كما تضمنه الحديث الخامس فهو مبنى على ما علمه عليه السلام من مقدار أطوال تلك الحياض وعروضها فان السؤال صريح في أن تلك الحياض كانت معينة معروفة واما التقدير بكونه نحو حب من حباب المدينة كما تضمنه الحديث السادس وبكونه أكثر من راوية كما في الحديث السابع فيمكن تنزيله على أحد المذهبين الأولين ولعل تنزيله على الثاني أقرب لان اتساع الحب والراوية لما تقارب الكر بالمذهب الأول نادر والله أعلم ثم لا يخفى عليك ان اشكال الحيضان والغدران شديدة الاختلاف ومعرفة مساحتها والعلم ببلوغها الكرية لا يتيسر غالبا الا بالرجوع إلى ما يقتضيه القواعد الحسابية والأصول الهندسية ولم يتصدى الأصحاب قدس الله أرواحهم لبسط الكلام في ذلك مع أنه من المهمات والخوض فيه أهم من خوضهم في حساب الوصايا المبهمة والاقرارات وميراث الخناثي ومن تحرر بعضه وغير ذلك فإنها أمور لا يتفق وقوعها الا نادرا بخلاف ما نحن فيه فإنه مما يكثر الاحتياج إليه ويتوافر الدواعي إلى الاطلاع عليه فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الباب وان أدى ذلك إلى الاطناب وقد كان سبق مني في عنفوان الشباب املاء رسالة في هذه المسألة فرأيت أن أورد خلاصتها في هذا الكتاب مع زيادات لطيفة تهش إليها الطباع القويمة ويتشحذ بها الأذهان المستقيمة فأقول وبالله التوفيق ان المساحة المبحوث عنها هنا هي استعلام ما في الماء من أمثال مكعب الشبر وابعاضه ليعلم انه هل بلغ الكر أم لا والمراد بمكعب الشبر مجسم ما يحيط به ستة مربعات متساوية طول كل من أضلاعها شبر فمعنى قولهم الكر ما بلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر انه ما اشتمل على اثنين وأربعين مجسما تاما كل منها مكعب الشبر ومجسم اخر هو سبعة أثمان مكعبة ثم أصول الصور هنا سبع و عشرون فان الطول اما صحيح أو كسر أو مركب منها وعلى كل من الثلث فالعرض كذلك وعلى كل من التسع فالعمق كذلك فإن كان كل من الابعاد الثلاثة صحيحا فظاهر وان كان كل منها كسرا فمعلوم انه عن بلوغ الكرية بمراحل بقي خمس وعشرون صورة جزئياتها غير محصورة وبعضها ربما يسهل ضربه جدا كالصورة الدائرة على الألسنة الممثل بها في الرواية وهي ما بلغ كل من الأقطار الثلاثة ثلاثة أشبار ونصفا وبعضها ربما يحتاج في تسهيله إلى بعض الأعمال الحسابية كالتجنس وهو جعل الصحيح من جنس الكسر بان يضرب الصحيح في مخرج الكسر ويزيد صورة الكسر على الحاصل فنقول إذا كان في كل من الجانبين كسر فإما ان يكون في كل منهما صحيح فتضرب مجنس أحد الطرفين في مجنس الاخر أو يختص الصحيح بأحدهما فتضرب مجنسه في صورة كسر الطرف الآخر ويحفظ الحاصل ثم يضرب مخرج أحد الكسرين في مخرج الاخر ويحفظ الحاصل أيضا ثم تقسم الحاصل الأول على الحاصل الثاني ان لم يكن أقل منه وتنسبه منه ان كان أقل فما صار فهو المطلوب فلو كان الطول ثلاثة أشبار ونصفا والعرض شبرين وثلاثة أرباع والعمق أربعة أشبار وربعا فالحاصل من ضرب مجنس الطول في مجنس العرض سبعة وسبعون ومن ضرب المخرج في المخرج ثمانية والخارج من القسمة تسعة وخمسة أثمان وهي الحاصل من ضرب الطول في العرض مجنسها سبعة وسبعون ومجنس العمق سبعة عشر ومضروب أحدهما في الآخر وهو الحاصل الأول الف وثلاثمأة وتسعة ومضروب المخرج في المخرج أعني الحاصل الثاني اثنان وثلاثون والخارج من القسمة أربعون وسبعة أثمان فهذا
(١٠٩)