ويقوم الليل (فقال) أي أبو الدرداء (كل فإني صائم قال) أي سلمان ما أنا بآكل حتى تأكل وفي رواية البزار عن محمد بن بشار شيخ البخاري فيه فقال وأقسمت عليك لتفطرن وغرض سلمان من هذا الإباء أن يصرفه عن رأيه فيما يصنعه من جهد نفسه في العبادة وغير ذلك مما شكته إليه امرأته (فأكل) أي أبو الدرداء (فلما كان الليل) أي في أوله وفي رواية بن خزيمة ثم بات عنده (ذهب) أي أراد وشرع (فقال له سلمان تم) زاد ابن سعد من وجه آخر مرسل فقال له أبو الدرداء أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي لربي (فقاما فصليا) في رواية الطبراني فقاما فتوضأ ثم ركعا ثم خرجا إلى الصلاة (وإن لأهلك عليك حقا) أي لزوجك عليك حقا زاد الدارقطني فصم وافطر وصل ونم وائت أهلك (فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له) وفي رواية الدارقطني ثم خرجا إلى الصلاة فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالذي قال له سلمان فقال له يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا مثل ما قال سلمان ففي هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما دار بينهما وليس ذلك في رواية محمد بن بشار فيحتمل الجمع بين الأمرين أنه كاشفهما بذلك أولا ثم اطلعه أبو الدرداء على صورة الحال فقال له صدق سلمان وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية المواخاة في الله وزيارة الإخوان والمبيت عندهم وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة والسؤال عما يترتب عليه المصلحة وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل وفيه النصح للمسلم وتنبيه من أغفل وفيه فضل قيام آخر الليل وفيه مشروعية تزيين المرأة لزوجها وثبوت حق المرأة على الزوج وحسن العشرة وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء لقوله ولأهلك عليك حقا ثم قال وائت أهلك كما في رواية الدارقطني وقرره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السامة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور وأن الوعيد الوارد على من نهي مصليا عن الصلاة مخصوص بمن نهاه ظلما وعدوانا وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة كذا في الفتح قوله (هذا حديث صحيح) وأخرجه البخاري
(٨١)