في الفتح (فلما وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي على مجلس رسول صلى الله عليه وسلم أو على بمعنى عند (فرأى فرجة) بضم الفاء وفتحها لغتان وهي الخلل بين الشيئين ويقال لها أيضا فرج ومنه قوله تعالى وما لها من فروج جمع فرج وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم فذكر الأزهري فيها فتح الفاء وضمها وكسرها وقد فرج له في الحلقة والصف ونحوهما بتخفيف الراء يفرج بضمها (في الحلقة) بإسكان اللام على المشهور كل شئ مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين وحكى فتح اللام في الواحد وهو نادر (أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله) قال النووي لفظه أوى بالقصر وآواه بالمد هكذا الرواية وهذه هي اللغة الفصيحة وبها جاء القرآن أنه إذا كان لازما كان مقصورا وإن كان متعديا كان ممدودا قال الله تعالى أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقال تعالى إذ أوى الفتية إلى الكهف وقال في التعدي وآويناهما إلى ربوة وقال تعالى ألم يجدك يتيما فآوى قال القاضي وحكى بعض أهل اللغة فيهما جميعا لغتين القصر والمد فيقال أويت إلى الرجل بالقصر والمد وآويته وأويته بالمد والقصر والمشهور الفرق كما سبق قال العلماء معنى أوى إلى الله أي لجأ إليه قال القاضي وعندي أن معناه هنا دخل مجلس ذكر الله تعالى أو دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجمع أوليائه وانضم إليه ومعنى آواه الله أي قبله وقربه وقيل معناه رحمه أو آواه إلى جنته أو كتبها له (وأما الاخر فاستحيى فاستحيى الله منه) قال النووي أي ترك المزاحمة والتخطي حياء من الله تعالى ومن النبي صلى الله عليه وسلم والحاضرين أو استحياء منهم أن يعرض ذاهبا كما فعل الثالث فاستحيى الله منه أي رحمه ولم يعذبه بل غفر ذنوبه وقيل جازاه بالثواب قالوا ولم يلحقه بدرجة صاحبه الأول في الفضيلة الذي آواه وبسط له اللطف وقربه قال وهذا دليل اللغة الفصيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال في غير الأخير منهم الاخر فيقال حضرني ثلاثة أما أحدهم فقرشي وأما الاخر فأنصاري وأما الاخر فتيمي وقد زعم بعضهم أنه لا يستعمل الاخر إلا في الأخير خاصة وهذا الحديث صريح في الرد عليه انتهى (وأما الاخر فأعرض فأعرض الله عنه) أي لم يرحمه وقيل سخط عليه وهذا محمول على إنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة قاله النووي وقال الحافظ أي سخط عليه وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر هذا إن كان مسلما ويحتمل أن يكون منافقا واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره كما
(٤٢٣)