ولو لم يكن كذلك يقتضي أن يكون إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وأفراد الأمة سواء وأنه باطل إجماعا ولقول إبراهيم عليه السلام (ولكن ليطمئن قلبي) الثاني التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالآخر وقال بعضهم في هذا المقام الذي يؤدي إليه نظري أنه ينبغي أن يكون الحق الحقيق بالقبول أن الإيمان بحسب التصديق يزيد بحسب الكمية المعظمة وهي العدد قبل تقرر الشرائع بأن يؤمن الإنسان بجملة ما ثبت من الفرائض ثم يثبت فرض آخر فيؤمن به أيضا ثم وثم فيزداد إيمانه أو يؤمن بحقيقة كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إجمالا قبل أن تبلغ إليه الشرائع تفصيلا ثم تبلغه فيؤمن بها تفصيلا بعدما آمن به إجمالا فيزداد إيمانه فإن قلت يلزم من هذا تفضيل آمن من بعد تقرير الشرائع على من مات في زمن الرسول عليه السلام من المهاجرين والأنصار لأن إيمان أولئك أزيد من إيمان هؤلاء قلت لا نسلم أن هذه الزيادة سبب التفضيل في الآخرة وسند المنع أن كل واحد من هذين الفريقين مؤمن بجميع ما يجب الإيمان به يحسب زمانه وهما متساويان في ذلك وأيضا إنما يلزم تفضيلهم على الصحابة بسبب زيادة عدد إيمانهم لو لم يكن لإيمانهم ترجيح باعتبار آخر وهو قوة اليقين وهو ممنوع لأن لإيمانهم ترجيحا ألا ترى إلى قوله عليه السلام لو وزن إيمان أبي بكر مع إيمان جميع الخلق لرجح إيمان أبي بكر رضي الله عنه ولا ينقص الإيمان بحسب العدد قبل تقرر الشرائع ولا يلزم ترك الإيمان بنقص ما يجب الإيمان به ويزيد وينقص بحسب العدد بعد تقرر الشرائع بتكرار التصديق والتلفظ بكلمتي الشهادة مرة بعد أخرى بعد الذهول عنه تكرارا كثيرا أو قليلا ويزيد وينقص مطلقا أي قبل تقرر الشرائع وبعده بحسب الكيفية أي القوة والضعف بحسب ظهور أدلة حقية المؤمن به وخفائها وقوتها وضعفها وقوة اعتقاد المقلد في المقلد وضعفه وروى عن بعض المحققين أنه قال الأظهر أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة ولهذا يكون إيمان الصديقين والراسخين في العلم أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تغريهم الشبهة ولا يزلزل إيمانهم معارض ولا تزال قلوبهم منشرحة للإسلام وإن اختلفت عليهم الأحوال انتهى كلام العيني بلفظه وقال بعد ورقة قوله يزيد وينقص أي الإيمان والإسلام يقبل الزيادة والنقصان هذا على تقدير دخول القول والفعل فيه ظاهر وأما على تقدير أن يكون نفس التصديق فإنه أيضا يزيد وينقص أي قوة وضعفا أي إجمالا وتفصيلا أو تعددا بحسب تعدد المؤمن به كما حققناه فيما مضى انتهى
(٢٩٨)