هذا فليذوقوه حميم وغساق وقوله لا يذوقوا فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا وقد اختلف في معناه فقيل هو ما يسيل من بين جلد الكافر ولحمه قاله ابن عباس وقيل هو صديد أهل النار قاله إبراهيم وقتادة وعطية وعكرمة وقال كعب هو عين في جهنم تسيل إليهما حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غير ذلك فيستنقع فيؤتى بالادمي فيغمس فيها غمسة واحدة فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في عقبيه وكعبيه فيجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه وقاله عبد الله بن عمرو الغساق القمح الغليظ لو أن قطرة منه تهراق في المغرب لأنتنت أهل المشرق ولو تهراق في المشرق لأنتنت أهل المغرب وقيل غير ذلك انتهى (يهراق) بفتح الهاء ويسكن أي يصيب (في الدنيا) أي في أرضها (لأنتن أهل الدنيا) أي صاروا ذوي نتن منه فأهل مرفوع على الفاعلية قوله (هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد) قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث رواه الحاكم وغيره من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث به وقال الحاكم صحيح الاسناد انتهى قوله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية اتقوا الله) أولها يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته قال الطيبي أي واجب تقواه وما يحق منها وهو القيام بالواجبات واجتناب المحارم أي بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئا وهذا معنى قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقوله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون تأكيد لهذا المعنى أي لا تكونن على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت فمن واظب على هذه الحالة وداوم عليها مات مسلما وسلم في الدنيا من الآفات وفي الأخرى من العقوبات ومن تقاعد عنها وتقاعس وقع في العذاب في الآخرة ومن ثم اتبعه صلى الله عليه وسلم قوله (لو أن قطرة من الزقوم) كتنور من الزقم اللقم الشديد والشرب المفرط قال في المجمع الزقوم شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم والرائحة يكره أهل النار على تناوله انتهى (قطرت) بصيغة المعلوم ويجوز أن يكون بصيغة المجهول من باب
(٢٥٩)