قوله (إن الله) بكسر الهمزة وسكون النون على أن إن شرطية ثم كسر للالتقاء قال الطيبي الله مرفوع بفعل يفسره ما بعده وهو (أدخلك الجنة) ولا يجوز رفعه على الابتداء لوقوعه بعد حرف الشرط وقوله (فلا تشاء أن تحمل فيها) جواب للشرط أي فلا تشاء الحمل في الجنة (على فرس من ياقوتة حمراء تطير) بصيغة المؤنث والضمير يرجع إلى فرس قال في القاموس الفرس للذكر والأنثى (حيث شئت) أي طيرانه بك (إلا فعلت) لا يوجد هذا اللفظ في بعض نسخ الترمذي وأورد صاحب المشكاة هذا الحديث نقلا عن الترمذي مع هذا اللفظ قال القاري في شرح قوله إلا فعلت بصيغة المخاطب المذكر المعلوم والمعنى إن تشاء تفعله وفي نسخة يعني من المشكاة على بناء المجهول أي حملت عليها وركبت وفي أخرى بتاء التأنيث الساكنة فالضمير للفرس أي حملتك قال القاضي رحمه الله تقدير الكلام إن أدخلك الجنة الله فلا تشاء أن تحمل على فرس كذلك إلا حملت عليه والمعنى أنه ما من شئ تشتهيه الأنفس إلا وتجده في الجنة كيف شاءت حتى لو اشتهيت أن تركب فرسا على هذه الصفة لوجدته وتمكنته منه ويحتمل أن يكون المراد إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن يكون لك مركب من ياقوته حمراء يطير بك حيث شئت ولا ترضى به فتطلب فرسا من جنس ما تجده في الدنيا حقيقة وصفه والمعنى فيكون لك من المراكب ما يغنيك عن الفرس المعهود ويدل على هذا ما جاء في الرواية الأخرى وهو إن أدخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوته له جناحان فحملت عليه ولعله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبين الفرق بين مراكب الجنة ومراكب الدنيا وما بينهما من التفاوت على التصوير والتمثيل مثل فرس الجنة في جوهره بما هو عندنا أثبت الجواهر وأدومها وجودا وأنصعها لونا وأصفاها جوهرا وفي شدة حركته وسرعة انتقاله بالطير وأكد ذلك في الرواية الأخرى بقوله جناحان قال الطيبي الوجه الأول ذهب إليه الشيخ التورشتي وتقدير قوله إلا حملت يقتضي أن يروي قوله إلا فعلت على بناء المفعول فإنه استثناء مفرغ أي لا تكون بمطلوبك إلا مسعفا وإذا ترك على بناء الفاعل كان التقدير فلا تكون بمطلوبك إلا فائزا والوجه الثاني من الوجهين السابقين قريب من أسلوب الحكيم فإن الرجل سأل عن الفرس المتعارف في الدنيا فأجابه صلى الله عليه وسلم بما في الجنة أي اترك ما طلبته فإنك
(٢١٣)