فانصرف فقال: ما توضأت قط إلا صليت، وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا، وقبرا محفورا، وكانت عشائرهم جاءوا بالأكفان وحفروا لهم القبور، ويقال: بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان وقال حجر: اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل العراق شهدوا علينا، وإن أهل الشام قتلونا، قال: وقيل لحجر: مد عنقك فقال: إن ذاك لدم، ما كنت لأعين عليه فقدم فضربت عنقه، وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له: هدبة بن فياض، فقتلهم، وكان أعور فنظر إليه رجل منهم من خثعم فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا، قال: فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل سبعة ونجا ستة أو قتل ستة ونجا سبعة قال: وكانوا ثلاثة عشر رجلا وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة وقد قتلوا فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان؟ فقال: غيبة مثلك عني من قومي، وقد كانت هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية، وكانت شيعية قالت حين سير بحجر إلى معاوية:
ترفع أيها القمر المنير * ترفع هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الخبير تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد له محولا * كأن لم يحيها يوما مطير ألا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير فإن تهلك فكل عميد قوم * إلى هلك من الدنيا يصير قال: أخبرنا حماد بن مسعدة، عن ابن عون، عن محمد قال: لما أتي بحجر فأمر بقتله قال: ادفنوني في ثيابي فإني أبعث مخاصما (ن). قال: أخبرنا يحيى بن عباد، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: حدثنا عمير بن قميم، قال حدثني غلام لحجر بن عدي الكندي قال: قلت لحجر: إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوضأ قال: ناولني