أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت؟ فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه؟! إليك، وراءك أوسع لك.
فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل، فأغذ زياد السير حتى قدم الكوفة، فأرسل إلى عدي بن حاتم وجرير بن عبد الله البجلي، وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة، وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة فأرسلهم إلى حجر بن عدي ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وأن يكف لسانه عما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم إلى شئ ولم يكلم أحدا منهم، وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر. قال وبكر في ناحية الدار فقال له عدي بن حاتم:
أمجنون أنت؟ أكلمك بما أكلمك به وأنت تقول: يا غلام اعلف البكر؟. فقال عدي لأصحابه: ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى، فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض وخزنوا بعضا وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به، فقال: لست إذا لأبي سفيان، فأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه وأتي به زياد وبأصحابه فقال له: ويلك مالك؟ فقال: إني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا. ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر وأصحابه إليه، وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية تسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي: يا أمير المؤمنين جدادها جدادها لا تعن بعد العام أبرا. فقال معاوية: لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا علي كتاب زياد فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية بن أبي سفيان:
أخرجوهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك، قال: فحملوا إليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء، قال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله ثم أتى بي اليوم إليها مصفودا، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله، ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت، أجزعت؟