المطهرة يعني الأرض ولأرينك النخلة التي تصلب على جذعها. ثم أراه إياها بعد ذلك بيومين. وكان ميثم يأتيها فيصلي عندها ويقول: بوركت من نخلة لك خلقت ولي نبت، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علي عليه السلام حتى قطعت فكان يرصد جذعها ويتعاهده ويتردد إليه ويبصره، وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري فلا يعلم عمرو ما يريد فيقول له: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أم دار ابن حكيم؟
قال: وحج في السنة التي قتل فيها فدخل على أم سلمة - رضي الله عنها - فقالت له: من أنت؟ قال: عراقي. فاستنسبته فذكر لها أنه مولى علي بن أبي طالب.
فقالت: أنت هيثم؟ قال: بل أنا ميثم. فقالت: سبحان الله، والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يوصي بك عليا في جوف الليل. فسألها عن الحسين بن علي، فقالت: هو في حائط له. قال: أخبريه أني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله ولا أقدر اليوم على لقائه وأريد الرجوع. فدعت فطيبت لحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم. فقالت: من أنبأك هذا؟ - قال: أنبأني سيدي.
فبكت أم سلمة وقالت له: إنه ليس بسيدك وحدك، وهو سيدي وسيد المسلمين.
ثم ودعته فقدم الكوفة فأخذ وأدخل على عبيد الله بن زياد وقيل له: هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب. قال: ويحكم هذا الأعجمي؟ قالوا: نعم. فقال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: بالمرصاد. قال: قد بلغني اختصاص أبي تراب لك؟ - قال: قد كان بعض ذلك، فما تريد؟ - قال: وأنه ليقال: إنه قد أخبرك بما سيلقاك؟
قال: نعم إنه أخبرني. قال: ما الذي أخبرك أني صانع بك؟ - قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة وأنا أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة. قال: لأخالفنه.
قال: ويحك كيف تخالفه إنما أخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبر رسول الله عن جبرائيل وأخبر جبرائيل عن الله، فكيف تخالف هؤلاء؟ أما والله لقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه أين هو من الكوفة، وإني لأول خلق الله ألجم في الإسلام بلجام