افتضحتم وقال لهم شقيق بن ثور: يا معشر ربيعة لا عذر لكم في العرب إن وصل إلى علي فيكم وفيكم رجل حي، وإن منعتموه فمجد الحياة اكتسبتموه، فقاتلوا قتالا شديدا حين جاءهم علي لم يكونوا قاتلوا مثله، ففي ذلك قال علي:
لمن راية سوداء يخفق ظلها * إذا قيل: قدمها حضين، تقدما يقدمها في الموت حتى يزيرها * حياض المنايا تقطر الموت والدما أذقنا ابن حرب طعننا وضرابنا * بأسيافنا حتى تولى وأحجما جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى الموت قوما ما أعف وأكرما وأطيب أخبارا وأكرم شيمة * إذا كان أصوات الرجال تغمغما ربيعة أعني إنهم أهل نجدة * وبأس إذا لاقوا خميسا عرمرما) وقال ابن الأثير في كامل التواريخ في أحداث سنة سبع وثلاثين:
(ج 3 ص 118، من الطبعة الأولى) (فلما وصل [علي عليه السلام] إلى ربيعة نادى بصوت عال كغير المكترث لما فيه الناس: لمن هذه الرايات -؟ - قالوا: رايات ربيعة، قال: بل رايات عصم الله أهلها، فصبرهم وثبت أقدامهم، وقال للحضين بن المنذر: يا فتى ألا تدني رأيتك هذه ذراعا؟
قال: بلى والله وعشرة أذرع، فأدناها حتى قال: حسبك مكانك، ولما انتهى علي إلى ربيعة تنادوا بينهم: يا ربيعة إن أصيب فيكم أمير المؤمنين وفيكم رجل حي افتضحتم في العرب، فقاتلوا قتالا شديدا ما قاتلوا مثله فلذلك قال علي: لمن راية سوداء، (الأبيات الستة التي نقلناها عن تاريخ الطبري، وقال في آخر القصة):
(الحضين بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة) وفي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام:
لنا الراية السوداء يخفق ظلها * إذا قيل: قدمها حضين تقدما فيوردها في الصف حتى يزيرها * حياض المنايا تقطر الموت والدما تراه إذا ما كان يوم كريهة * أبى فيه إلا عزة وتكرما وأجمل صبرا حين يدعى إلى الوغى * إذا كان أصوات الرجال تغمغما