الآخرة أي بني فان تزهد فيما زهدك الله فيه من الدنيا وتعزف نفسك عنها فهي أهل ذلك وان كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا انك لن تبلغ أملك ولن تعدو اجلك وانك في سبيل من كان قبلك فاخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فإنه رب طلب قد جر إلى حرب وليس كل طالب بناج وكل مجمل بمحتاج وأكرم نفسك عن كل دنية وان ساقتك ا لي رغبة فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا وما خير خير لا ينال الا بشر ويسر لا ينال الا بعسر وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة وان استطعت أن لا يكون بينك و بين الله ذو نعمة فافعل فإنك مدرك قسمك واخذ سهمك وان اليسير من الله تبارك وتعالى أكثر وأعظم من الكثير من خلقه و ان ك ان كل منه ولو نظرت ولله المثل الاعلى فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا
(٢٠٦)