يعجل بي أجلي دون أن أفضى إليك بما في نفسي أو انقص في رأيي كما نقصت في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور وانما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقى فيها من شئ قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك المستقبل بحد رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت مؤنة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه أي بني واني وان لم أكن غمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم وفكرت في اخبارهم وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضره فاستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخيت لك جميله وصرفت عنك مجهوله ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل بين ذي النفية والنية وان أبدءك
(١٩٥)