وان عليك في كثير ما تصيب من الدناة عارا فاقتصد في أمرك تحمد مغبة علمك انك لست بائعا شيئا من دينك وعرضك بثمن و المغبون من غبن نصيبه من الله فخذ من الدنيا ما أتاك وأنزلت ما تولى فإن أنت لم تفعل فاجمل في الطلب وإياك ومقارنة من رهبته على دينك وباعد السلطان ولا تأمن خدع الشيطان و تقول متى أرى ما أنكر نزعت فإنه كذا هلك من كان قبلك من أهل القبلة وقد أيقنوا بالمعاد فلو سمت بعضهم بيع آخرته بالدنيا لم يطب بذلك نفسا ثم قد يتخيله الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه قوله عليه السلام فاخفض في الطلب أي وارفق من الخفض بمعنى السهل وأجمل في المكتسب أي اسع سعيا جميلا لا بحرص ولا بطمع الحرب محركة سلب المال من حرب الرجل سلبه ما له وتركه بلا شئ وأيضا بمعنى الهلاك والويل الدنية مؤنث الدني الساقط الضعيف الخصلة المذمومة المحقورة وأيضا النقيصة والمراد ان طلب المال لصيانة ا لنفس وحفظه فلو أتعبت وبذلت نفسك لتحصيل المال فقد ضيعت ما هو المقصود منه فلا ع وض لما ضيع ولن تعتاض أي لن تجد عوضا قوله عليه السلام وما خير خير لا ينال الا بشر المراد انه الذي لا ينال الا بشر لا يكون خيرا بل يكون شرا لان طريقه شر فكيف يكون هو خيرا وهكذا ما لا ينال الا بعسر لا يكون يسرا توجف أي تسرع سيرا سريعا والمطايا جمع المطية وهي الدابة التي تركب والمناهل جمع المنهل موضع الشرب على الطريق وما ترده الإبل ونحوها للشرب الدناة جمع دان أو الدني وهو الخسيس المغبة عاقبة الشئ الخدع جمع الخدوع الكثير الخداع فلو سمت من سام السلعة يسوم أي عرضها وذكر ثمنها والمراد انك لو عرضت ببعضهم بان يبيع اخرته بالدنيا لم يرض بذلك ولم يطب نفسه بهذه التجارة يورطه أي يلقاه في الورطة ويوقعه فيما لا خلاص له منه
(٢٠٧)