وانك لم تبلغ في النظر لنفسك وان اجتهدت مبلغ نظري لك واعلم يا بني انه لو كان لربك شريك لا تتك رسله ولرأيت آثار ملكه و سلطانه ولعرفت صفته وفعاله ولكنه اله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ذلك أحد ولا يحاجه وانه خالق كل شئ وانه أجل من أن يثبت لربوبية بالإحاطة قلب أو بصر وإذا أنت عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك في صغر خطرك وقلة مقدرتك وعظم حاجتك إليه أن يفعل مثله في طلب طاعته والرهبة له والشفقة من سخطه فإنه لم يأمرك إلا بحسن ولم ينهك إلا عن قبيح أي بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وزوالها وانتقالها بأهلها وانباتك عن الآخرة وما أعد لأهلها فيها وضربت لك فيها الأمثال إنما مثل من أبصر الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جدب فأموا منزلا خصيبا وجنابا مريعا الرائد هو الذي يذهب لطلب المنزل لصاحبه أو من ترسله في طلب الكلاء ليتعرف موقعه والرسول قد عرف عن الله وأخبرنا فهو رائد سعادتنا لم ألك نصيحة أي لم أقصر في نصيحتك قوله بالإحاطة قلب أو بصر في النهج من أن يثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر الجناب الناحية الريع أي كثير العشب
(١٩٩)