هموم الناس هم نفسي فصدفني رأيي وصرفني هواي وصرح لي محض أمري فافضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب وصدق لا يشوبه كذب ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كان شيئا لو أصابك أصابني وكان الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت فإني أوصيك بتقوى الله أي بني ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ان أنت أخذت به أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوة باليقين وذلله بالموت وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام واعرض عليه اخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قبله وسر في بلادهم وآثارهم وانظر ما فعلوا وأين حلوا وعمن انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة وحلوا دار الغربة وناد في ديارهم أيتها الديار الخالية أين أهلك ثم قف
(١٩٣)