آخره، فلا يجب به صوم) إن كان في أول الشهر. (ولا يباح به فطر) إن كان في آخره. لما روى أبو وائل قال: جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه: إن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا، حتى تمسوا أو يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس عشية رواه الدارقطني. ورؤيته نهارا ممكنة لعارض يعرض في الجو، ويقل به ضوء الشمس، أو يكون قوي النظر.
تنبيه: قال شيخ الاسلام زكريا في شرح البهجة: والمراد بما ذكر، أي من أنه للمستقبلة دفع ما قيل. إن رؤيته تكون لليلة الماضية، انتهى. أي فلا أثر لرؤية الهلال نهارا.
وإنما يعتد بالرؤية بعد الغروب. قلت: ولعله مراد أصحابنا. لظاهر الخبر السابق. ولما يأتي: فيمن علق طلاق امرأته لرؤية الهلال، حيث قالوا: فرؤي وقد غربت، فعلم منه أن الرؤية قبل الغروب لا تأثير لها. (وإذا ثبتت رؤية الهلال بمكان قريبا كان أو بعيدا. لزم الناس كلهم الصوم، وحكم من لم يره حكم من رآه) لقوله (ص): صوموا لرؤيته وهو خطاب للأمة كافة، ولان الشهر في الحقيقة ما بين الهلالين. وقد ثبت أن هذا اليوم منه في جميع الأحكام . فكذا الصوم. ولو فرض الخطاب في الخبر للذين رأوه، فالغرض حاصل، لان من صور المسألة وفوائدها: ما إذا رآه جماعة ببلد، ثم سافروا إلى بلد بعيد، فلم ير الهلال به في آخر الشهر مع غيم أو صحو، فلا يحل لهم الفطر. ولا لأهل ذلك البلد عند المخالف. ومن صورها: ما إذا رآه جماعة ببلد، ثم سارت بهم ريح في سفينة فوصلوا إلى بلد بعيد في آخر الليل. لم يلزمهم الصوم في أول الشهر. ولم يحل لهم الفطر في آخره عندهم، وهذا كله مصادم لقوله (ص): صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. وأما خبر كريب قال:
قدمت الشام، واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيناه ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، فأخبرته فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم، حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: ألا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا النبي (ص) رواه مسلم، فدل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده، ونحن نقول به. وإنما الخلاف في وجوب قضاء اليوم الأول، وليس هو في الحديث. وأجاب القاضي