يجب ليبادر بحسب الامكان، وعلى هذا عامة الأصحاب كما قاله المتولي لقدرته عليه. (ويشترط) في الرد (ترك الاستعمال فلو استخدم العبد) ولو شئ خفيف كقوله: اسقني ولو لم يسقه كما في بعض نسخ الروضة الصحيحة، (أو ترك على الدابة سرجها أو إكافها) وإن كان ملكا للبائع أو ابتاعه معها كما جرى عليه ابن المقري في روضته ولم يحصل بالنزع ضرر أو ركبها، (بطل حقه) من الرد لاشعار ذلك الرضى. وإنما جعل الترك انتفاعا، لأنه لو لم يتركه على الدابة لاحتاج إلى حمله أو تحميله. وقيل: لا يضر الاستعمال الخفيف كقوله أغلق الباب، وعلى الأول لا يضر ترك اللجام والعذار لخفتهما فلا يعد تركهما ولا تعليقهما انتفاعا، ولان سوق الدابة يعسر بدونهما.
فائدة: العذار ما على خد الدابة من اللجام أو المقود، والإكاف بكسر الهمزة أشهر من ضمها، ويقال أيضا الوكاف بكسر الواو: وهو ما تحت البرذعة، وقيل: نفسها، وقيل: ما فوقها. ولا يضر علفها وسقيها أو حلبها في الطريق إذا حلبها وهي سائرة، فإن حلبها واقفة بطل حقه كما جزم به السبكي ونقله في البحر عن الأصحاب، وإن قال الأذرعي فيه وقفة.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أن الرقيق لو خدم المشتري وهو ساكت لم يؤثر، لأن الاستخدام طلب العمل.
وهو متجه كما قاله الأسنوي، ففي زوائد الروضة أنه لو جاءه العبد بكوز فأخذ الكوز منه لم يضر لأن وضع الكوز في يده كوضعه على الأرض، فإن شرب ورد الكوز إليه فهو استعمال، وأن مجرد الطلب يؤثر وإن لم يوجد العمل، وهو ظاهر لدلالة الطلب على الرضا سواء أعمل أم لم يعمل. (ويعذر في ركوب جموح) بفتح الجيم، (يعسر سوقها وقودها) بسكون الواو، للحاجة. فإن لم يعسر لم يعذر في الركوب. وإيغال الدابة في الطريق يسقط الرد إلا إن عجزت عن المشي للعذر. ولو لبس الثوب ثم علم عينه في الطريق لم يكلف نزعه، لأنه غير معتاد، بخلاف النزول عن الدابة لأن استدامة الركوب ركوب. ويتعين كما في المهمات تعيين عدم النزع في ذوي الهيئات، لأن غالب المحترفة لا يمتنعون من ذلك، ويأتي نحوه في النزول عن الدابة. (وإذا سقط رده بتقصير) منه (فلا أرش) له لأنه هو المفوت بتقصيره. (ولو حدث) بالمبيع (عنده) أي المشتري، (عيب) بآفة أو غيرها لا بسبب وجد في يد البائع كما علم مما مر، ثم اطلع على عيب قديم، (سقط الرد قهرا) أي الرد القهري، لأنه أخذه بعيب فلا يرده بعيبين، والضرر لا يزال بالضرر، ونسيان القرآن والحرفة بمثابة العيب لنقصان القيمة. ويستثنى من منع الرد بحدوث العيب عند المشتري ما لو لم يعلم بالعيب القديم إلا بعد زوال الحادث، وما إذا كان العيب هو التزويج وقال الزوج قبل الدخول: إن ردك المشتري بعيب فأنت طالق فله الرد لزوال المانع. (ثم إن رضي به) أي المبيع (البائع) معيبا، (رده) عليه (المشتري) بلا أرش للحادث، (أو قنع به) بلا أرش عن القديم، لأن المانع من الرد وهو ضرر البائع قد زال برضاه به. (وإلا) بأن لم يرض البائع به معيبا، (فليضم المشتري أرش الحادث إلى المبيع ويرد أو يغرم البائع أرش القديم ولا يرد) المشتري، لأن كلا من ذلك فيه جمع بين المصلحتين ورعاية للجانبين. (فإن اتفقا على أحدهما) في غير الربوي المبيع بجنسه، (فذاك) ظاهر، لأن الحق لهما، أما الربوي المذكور فيتعين فيه الفسخ مع أرش الحادث لما مر فيه من الكلام على هلاك المبيع عند المشتري. فإن قيل: قد مر أن أخذ أرش القديم بالتراضي ممتنع. أجيب بأنه عند إمكان الرد يتخيل أن الأرش في مقابلة سلطنة الرد وهي لا تقابل بخلافه عند عدم إمكانه. فإن المقابلة كون عما فات من وصف السلامة في المبيع. ولو زال العيب الحادث بعد أخذ المشتري أرش العيب القديم أو بعد قضاء القاضي له به ولم يأخذه فليس له الفسخ رد الأرش