مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٢
الملك قد تجدد بالفسخ فكانت الزيادة المتصلة فيه تابعة للأصل كالعقد. (والمنفصلة) عينا ومنفعة، (كالولد والأجرة) وكسب الرقيق والركاز الذي يجده وما وهب له فقبله وقبضه وما وصى له به فقبله، ومهر الجارية إذا وطئت بشبهة، (لا تمنع الرد) بالعيب، عملا بمقتضى العيب. نعم ولد الأمة الذي لم يميز يمنع الرد لحرمة التفريق بينهما على الأصح المنصوص، خلافا لما جرى عليه ابن المقري هنا، وتقدم في المناهي التنبيه عليه. (وهي) أي الزيادة المنفصلة من البيع، (للمشتري) ومن الثمن للبائع (إن رد) المبيع في الأول، والثمن في الثانية (بعد القبض) سواء أحدث بعد القبض أم قبله، لما روي:
أن رجلا ابتاع من آخر غلاما فأقام عنده ما شاء الله ثم وجد به عيبا، فخاصمه إلى النبي (ص) فرده عليه ، فقال: يا رسول الله قد استعمل غلامي، فقال: الخراج بالضمان رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه. ومعناه أن فوائد المبيع للمشتري في مقابلة أنه لو تلف كان من ضمانه، وقيس على المبيع الثمن. فإن قيل: المغصوب والمبيع قبل قبضه لو تلف تحت ذي اليد ضمنه وليس له خراجه. أجيب بأن الضمان هنا معتبر بالملك لأنه الضمان المعهود في الخبر ووجود الضمان على ذي اليد فيما ذكر ليس لكونه ملكه، بل لوضع يده على ملك غيره بطريق مضمن. (وكذا) إن رده (قبله في الأصح) بناء على أن الفسخ يرفع العقد من حينه، وهو الأصح، ومقابله مبني على أن يرفعه من أصله.
تنبيه: إنما جمع المصنف في التمثيل بين الأجرة والولد ليعرفك أنه لا فرق في عدم امتناع الرد بين أن يكون من نفس المبيع كالولد أم لا كالأجرة، خلافا لأبي حنيفة فيما إذا كان من نفس المبيع.
وإنما مثل للمتولد من نفس المبيع بالولد بخلاف الثمرة وغيرها ليعرفك أنها تبقى له وإن كانت من جنس الأصل، خلافا لمالك، قاله الأسنوي. قال: وهو من محاسن كلامه. (ولو باعها) أي الجارية أو البهيمة، (حاملا) وهي معيبة مثلا، (فانفصل) الحمل (رده معها) إن لم تنقص بالولادة، (في الأظهر) بناء على أن الحمل يعلم ويقابل بقسط من الثمن، والثاني: لا، بناء على مقابله. أما إذا نقصت بالولادة فإنه يمتنع عليه الرد كسائر العيوب الحادثة. نعم إن جهل الحمل واستمر إلى الوضع فله الرد لما مر أن الحادث بسبب متقدم كالمتقدم. ولو انفصل قبل القبض فللبائع حبسه لاستيفاء الثمن وليس للمشتري بيعه قبل القبض كأمه. واحترز بقوله: فانفصل عما إذا لم ينفصل فإنه يردها كذلك. ولو حدث الحمل في ملكه لم يتبع في الرد بل هو له يأخذه إذا انفصل، وعليه قال الماوردي وغيره: وله حبس أمته حتى تضع اه‍. وحدوث حمل الأمة بعد القبض يمنع الرد قهرا، وكذا حمل غيرها إن نقصت به. والطلع كالحمل، والتأبير كالوضع، فإذا اشترى نخلة عليها طلع غير مؤبر وعلم عيبها بعد التأبير، فالصحيح أنها على القولين. والصوف الموجود عند العقد يرد مع الأصل وإن جزه لأنه جزء من المبيع، ويرد أيضا الحادث بعد العقد ما لم يجز، فإن جز لم يرد كالولد المنفصل، وهذا ما في فتاوى القاضي وجرى عليه الخوارزمي وجزم به في أصل الروضة، ولكن كان قياس الحمل أن ما لم يجز لا يرد أيضا، وبه جزم القاضي في تعليقه وألحق به اللبن الحادث. والأول وإن وجه بأنه كالسمن فالثاني كما قال شيخنا أوجه، وعليه اقتصر ابن الرفعة، وقال البلقيني: إنه الأصوب. والحادث من أصول الكراث ونحوه التابعة للأرض في بيعها للمشتري، لأنه ليس تبعا للأرض، ألا ترى أن الظاهر منها في ابتداء البيع لا يدخل فيه. (ولا يمنع الرد الاستخدام) إجماعا (و) لا (وطئ الثيب) أو العور مع بقاء بكارتها من مشتر أو غيره، وإن حرمت بالوطئ على البائع كوطئ أصله أو فرعه كما مرت الإشارة إليه، لأنه إلمام من غير إيلام فلا يمنع الرد كالاستخدام. هذا إذا وطئها المشتري أو غيره شبهة أو مكرهة، أما إذا كانت زانية فهو عيب حادث يمنع الرد إذا كان بعض القبض. (وافتضاض البكر) بالقاف: أي زوال بكارتها من المشتري أو غيره ولو بوثبة، ولو عبر به كان أولى ليشمل ما ذكر. (بعد القبض
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429