مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٥٧
(فحتى يصبح) أما إذا لم يكن عليه كلفة في السير، كأن كان جارا له فلا فرق بين الليل والنهار. (فإن كان البائع) المالك (بالبلد رده عليه بنفسه أو وكيله) إن لم يحصل بالتوكيل تأخير، (أو على وكيله) بالبلد كذلك، لأنه قائم مقامه في ذلك.
أما إذا كان البائع وكيلا فإنه يرده عليه أو على موكله وعبارة المحرر: رده بنفسه أو وكيله عليه أو على وكيله، أي لكل منهما الرد على كل منهما، فقدم المصنف لفظة عليه ففاته النص على التخيير عند الرد إلى الوكيل. ولو مات المالك رده على وارثه أو حجر عليه فعلى وليه. (ولو تركه) أي البائع أو وكيله (ورفع الامر إلى الحاكم فهو آكد) لأن الخصم ربما أحوجه في آخر الامر إلى المرافعة إليه فيكون الاتيان إليه فاصلا للامر جزما. وقضية كلام الشيخين أنه لا فرق في التخيير المذكور بين أن يكون الاطلاع بحضرة أحدهم أم في غيبة الكل، وهو كذلك لما مر، وإن قال في المطلب إذا علم بحضرة أحدهم فالتأخير لغيره تقصير، وإذا جاء إلى الحاكم لا يدعي، لأن غريمه غائب عن المجلس وهو في البلد غير متوار ولا متعذر، وإنما يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه ليرد عليه. قال السبكي: إذا قلنا: القاضي لا يقضي بعلمه فما فائدة ذلك؟ فلعل هذا تفريع على الصحيح أن القاضي يقضي بعلمه. قال الأذرعي: ولان الحاكم لا يخلو غالبا عن شهود أو يصير الحاكم شاهدا له. (وإن كان) البائع (غائبا) عن البلد ولا وكيل له سواء أكانت المسافة قريبة أم بعيدة، (رفع) الامر (إلى الحاكم) ولا يؤخر لقدومه. وطريقه عند الرفع أن يدعي شراء ذلك الشئ من فلان الغائب بثمن معلوم قبضه ثم ظهر العيب وأنه فسخ البيع، ويقيم بينة بذلك ويحلفه الحاكم أن الامر جرى كذلك، لأنه قضاء على غائب ويحكم بالرد على الغائب ويبقى الثمن دينا عليه ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل ثم يعطيه القاضي الثمن من مال الغائب، فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه. فإن قيل: ذكر الشيخان في باب المبيع قبل قبضه عن صاحب التتمة وأقره أن للمشتري بعد فسخه بالعيب حبس المبيع إلى استرجاع ثمنه من البائع، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القاضي ليس بخصم فيؤتمن بخلاف البائع. فإن قيل: إطلاق الشيخين الغيبة يشمل قصير المسافة كما تقرر مع أن القضاء على الغائب لا يصح فيه. أجيب بأن هذه المسألة مستثناة من القضاء على الغائب كما قاله السبكي في شرح المهذب، لأن في تكليفه الخروج عن البلد مشقة، وإن قال الأذرعي المراد من الرفع إلى الحاكم عند قرب المسافة ليفسخ عنده أو ليطلب الرد بفسخه قبل الحضور إذا شهد عليه، أما القضاء به وفصل الامر وبيع ماله فلا بد فيه من شروط القضاء على الغائب. (والأصح أنه يلزمه) أي المشتري، (الاشهاد على الفسخ إن أمكنه) ولو في حال عذره كمرض وغيبة وخوف من عدو، لأن الترك يحتمل الاعراض. وأصل البيع اللزوم فتعين الاشهاد بعدلين كما قاله القاضي حسين والغزالي أو عدل ليحلف معه كما قاله ابن الرفعة، وهو الظاهر، وإن قال الروياني في الشفعة إنه إن أشهد واحدا ليحلف معه لم يجز، لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين فلم يصر مستوثقا لنفسه بالاشهاد. وقوله: (حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم ) يقتضي بقاء وجوب الذهاب، وهو ما اقتضاه كلام الرافعي أيضا. وليس مرادا، بل المراد مقاله السبكي رحمه الله تعالى وهو أنه ينفذ الفسخ ولا يحتاج بعده إلى إتيان البائع أو الحاكم إلا للتسليم وفصل الخصومة. والثاني: لا يلزمه الاشهاد لأنه إذا كان طالبا للمالك أو الحاكم لا يعد مقصرا. أما الاشهاد على الفسخ فلا يكفي علي الأول كما هو مقتضى كلام الغزالي بخلافه في الشفعة، قال السبكي: لأنه يمكنه إنشاء الفسخ بحضرة الشهود، وفي الشفعة لا يمكنه إلا بأمور مقصودة، فليس المقدور في حقه إلا الاشهاد على الطلب. (فإن عجز عن الاشهاد) على الفسخ (لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح) إذ يبعد إيجابه من غير سامع أو سامع لا يعتد به، ولأنه ربما يتعذر عليه ثبوته فيتضرر بالمنع. والثاني:
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429