(فحتى يصبح) أما إذا لم يكن عليه كلفة في السير، كأن كان جارا له فلا فرق بين الليل والنهار. (فإن كان البائع) المالك (بالبلد رده عليه بنفسه أو وكيله) إن لم يحصل بالتوكيل تأخير، (أو على وكيله) بالبلد كذلك، لأنه قائم مقامه في ذلك.
أما إذا كان البائع وكيلا فإنه يرده عليه أو على موكله وعبارة المحرر: رده بنفسه أو وكيله عليه أو على وكيله، أي لكل منهما الرد على كل منهما، فقدم المصنف لفظة عليه ففاته النص على التخيير عند الرد إلى الوكيل. ولو مات المالك رده على وارثه أو حجر عليه فعلى وليه. (ولو تركه) أي البائع أو وكيله (ورفع الامر إلى الحاكم فهو آكد) لأن الخصم ربما أحوجه في آخر الامر إلى المرافعة إليه فيكون الاتيان إليه فاصلا للامر جزما. وقضية كلام الشيخين أنه لا فرق في التخيير المذكور بين أن يكون الاطلاع بحضرة أحدهم أم في غيبة الكل، وهو كذلك لما مر، وإن قال في المطلب إذا علم بحضرة أحدهم فالتأخير لغيره تقصير، وإذا جاء إلى الحاكم لا يدعي، لأن غريمه غائب عن المجلس وهو في البلد غير متوار ولا متعذر، وإنما يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه ليرد عليه. قال السبكي: إذا قلنا: القاضي لا يقضي بعلمه فما فائدة ذلك؟ فلعل هذا تفريع على الصحيح أن القاضي يقضي بعلمه. قال الأذرعي: ولان الحاكم لا يخلو غالبا عن شهود أو يصير الحاكم شاهدا له. (وإن كان) البائع (غائبا) عن البلد ولا وكيل له سواء أكانت المسافة قريبة أم بعيدة، (رفع) الامر (إلى الحاكم) ولا يؤخر لقدومه. وطريقه عند الرفع أن يدعي شراء ذلك الشئ من فلان الغائب بثمن معلوم قبضه ثم ظهر العيب وأنه فسخ البيع، ويقيم بينة بذلك ويحلفه الحاكم أن الامر جرى كذلك، لأنه قضاء على غائب ويحكم بالرد على الغائب ويبقى الثمن دينا عليه ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل ثم يعطيه القاضي الثمن من مال الغائب، فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه. فإن قيل: ذكر الشيخان في باب المبيع قبل قبضه عن صاحب التتمة وأقره أن للمشتري بعد فسخه بالعيب حبس المبيع إلى استرجاع ثمنه من البائع، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القاضي ليس بخصم فيؤتمن بخلاف البائع. فإن قيل: إطلاق الشيخين الغيبة يشمل قصير المسافة كما تقرر مع أن القضاء على الغائب لا يصح فيه. أجيب بأن هذه المسألة مستثناة من القضاء على الغائب كما قاله السبكي في شرح المهذب، لأن في تكليفه الخروج عن البلد مشقة، وإن قال الأذرعي المراد من الرفع إلى الحاكم عند قرب المسافة ليفسخ عنده أو ليطلب الرد بفسخه قبل الحضور إذا شهد عليه، أما القضاء به وفصل الامر وبيع ماله فلا بد فيه من شروط القضاء على الغائب. (والأصح أنه يلزمه) أي المشتري، (الاشهاد على الفسخ إن أمكنه) ولو في حال عذره كمرض وغيبة وخوف من عدو، لأن الترك يحتمل الاعراض. وأصل البيع اللزوم فتعين الاشهاد بعدلين كما قاله القاضي حسين والغزالي أو عدل ليحلف معه كما قاله ابن الرفعة، وهو الظاهر، وإن قال الروياني في الشفعة إنه إن أشهد واحدا ليحلف معه لم يجز، لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين فلم يصر مستوثقا لنفسه بالاشهاد. وقوله: (حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم ) يقتضي بقاء وجوب الذهاب، وهو ما اقتضاه كلام الرافعي أيضا. وليس مرادا، بل المراد مقاله السبكي رحمه الله تعالى وهو أنه ينفذ الفسخ ولا يحتاج بعده إلى إتيان البائع أو الحاكم إلا للتسليم وفصل الخصومة. والثاني: لا يلزمه الاشهاد لأنه إذا كان طالبا للمالك أو الحاكم لا يعد مقصرا. أما الاشهاد على الفسخ فلا يكفي علي الأول كما هو مقتضى كلام الغزالي بخلافه في الشفعة، قال السبكي: لأنه يمكنه إنشاء الفسخ بحضرة الشهود، وفي الشفعة لا يمكنه إلا بأمور مقصودة، فليس المقدور في حقه إلا الاشهاد على الطلب. (فإن عجز عن الاشهاد) على الفسخ (لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح) إذ يبعد إيجابه من غير سامع أو سامع لا يعتد به، ولأنه ربما يتعذر عليه ثبوته فيتضرر بالمنع. والثاني: