يبرأ منه على الأظهر لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه، وإن كان مما لا يعاين كالزنا أو السرقة أو الإباق برئ منه قطعا، لأن ذكرها إعلام به قال السبكي: وبعض الوراقين في زماننا يجعل بدل شرط البراءة إعلام البائع المشتري بأن بالمبيع جميع العيوب ورضي به، وهذا جهل لأنه كذب ولا يفيد لأن الصحيح أن التسمية لا تكفي فيما يمكن معاينته حتى يريه إياه. وأما ما لا يمكن معاينته فذكره مجملا بهذه العبارة كذكر ما يمكن معاينته بالتسمية من غير رؤية فلا يفيد. ولا يجوز للحاكم إلزام المشتري بمقتضى هذا الاقرار للعلم بكذبه وبطلانه، وإذا وقع ذلك يكون كشرط البراءة. ولو شرط أن الأمة بكر أو صغيرة أو مسلمة فبان خلاف ذلك فله الرد لخلف الشرط، وكذا لو شرط كون الرقيق المبيع كاتبا أو خبازا أو نحو ذلك من الأوصاف المقصودة فبان خلافه فإنه يثبت له الخيار لفوات فضيلة ما شرطه.
ولو شرط أنها ثيب فخرجت بكرا لم ترد لأنها أكمل مما شرط، وقيل: ترد لأنه قد يكون له في ذلك غرض كضعف آلته أو كبر سنه وقد فات عليه. ولو شرط أن الرقيق كافر أو فحل أو مختون أو خصي فخرج مسلما في الأولى أو خصيا في الثانية أو أقلف في الثالثة أو فحلا في الرابعة، ثبت له الرد لاختلاف لأغراض بذلك، إذ في الكافر مثلا فوات كثرة الراغبين، إذ يشتريه الكافر والمسلم بخلاف المسلم. والخصي بفتح الخاء من قطع أنثياه أو سلتا وبقي ذكره، فلو شرط كونه أقلف فبان مختونا لم يثبت له الرد إذ لم يفت بذلك غرض مقصود إلا إن كان الأقلف مجوسيا بين مجوس يرغبون فيه بزيادة فيثبت له بذلك الرد. ولو شرط كونه فاسقا أو خائنا أو أميا أو أحمق أو ناقص الخلقة فبان خلافه لم يثبت له الرد لأنه خير مما شرط. ولو شرط كون الأمة يهودية أو نصرانية فبانت مجوسية أو نحوها ثبت له الرد لفوات حل الوطئ، بخلاف ما لو شرط كونها يهودية فبانت نصرانية أو بالعكس. ولو اشترى ثوبا على أنه قطن فبان كتانا لم يصح الشراء لاختلاف الجنس. (ولو هلك المبيع) غير الربوي المبيع بجنسه، (عند المشتري) سواء كان بآية سماوية أم بغيرها كأن أكل الطعام (أو) خرج عن قبول النقل كأن (أعتقه) والعبد مسلم، أو وقفه ولو كافرا، أو استولد الأمة، أو جعل الشاة أضحية، (ثم علم العيب) به (رجع بالأرش) لتعذر الرد بفوات المبيع حسا أو شرعا. فإن كان العبد كافرا، قال الأسنوي: لا يرجع ، لأنه لم ييأس من رده لامكان لحوقه بدار الحرب فيسترق ثم يعود إلى الملك. قال: ويجب حمل إطلاقهم على هذا اه . ومحله إذا كان المعتق كافرا أيضا، إذ عتيق المسلم لا يسترق، ومع هذا فهو بعيد، فينبغي إطلاق كلام الأصحاب.
ولو اشترى معيبا جاهلا بعيبه يعتق عليه، أو بشرط العتق فأعتقه رجع بأرشه، لأن المقصود وإن كان العتق قربة فبذل الثمن إنما كان في مقابلة ما ظنه من سلامة المبيع، فإذا فات منه جزء صار ما قصد عتقه مقابلا ببعض الثمن فرجع في الباقي. ومسألة القريب أو من أقر بحريته ليست داخلة في كلام المصنف رحمه الله، فإن الموجود إنما هو العتق لا الاعتاق. ولو قال: أعتق عبدك عني على كذا ففعل ثم ظهر معيبا وجب الأرش واستمر العتق كما جزم به الشيخان في الكفار، قالا: ويجزئ عن الكفارة إن لم يمنع العيب الاجزاء. أما الربوي المذكور كذهب بيع بوزنه ذهبا فبان معيبا بعد تلفه فلا أرش فيه، بل يفسخ البيع، ويغرم البدل، ويسترد الثمن، وإلا لنقص الثمن فيصير الباقي منه مقابلا بأكثر منه، وذلك ربا إن ورد على العين، فإن ورد على الذمة ثم عين غرم بدل التالف، واستبدل في مجلس الرد وإن فارق مجلس العقد. وهل يمتنع الرد على بائع الصيد إذا أحرم لأن رده إتلاف عليه؟ قال الأسنوي: فيه نظر اه. والذي يظهر أن له الرد، لأن البائع منسوب إلى تقصير في الجملة. ولو وجد المسلم إليه برأس مال المسلم عيبا بعد تلفه عنده، فإن كان معينا نقص من المسلم فيه بقدر نقص العيب من قيمة رأس المال أو في الذمة وعين غرم بدل التالف واستبدل في مجلس الرد، وإن فارق مجلس العقد. (وهو) أي الأرش (جزء من ثمنه) أي المبيع، (نسبته إليه) أي نسبة الجزء إلى الثمن، (نسبة) أي مثل نسبة (ما نقص العيب من القيمة لو كان) المبيع (سليما) إليها، ولو ذكر هذه اللفظة وقال كما في المحرر والشرحين والروضة إلى تمام قيمة السليم