الباء الموحدة أفصح من فتحها، ويقال فيه طبيخ بتقديم الطاء. (مدود) بكسر الواو وبعضه (رد) ما ذكر قهرا (ولا أرش عليه) للحادث (في الأظهر) وكذا كل ما كان مأكوله في جوفه كالرمان والجوز واللوز، لعذره في تعاطيه لاستكشاف العيب كما في المصراة، ولا أرش عليه بسببه لذلك وكان البائع بالبيع سلطه عليه. والثاني: يرد، ولكن يرد معه الأرش رعاية للجانبين، وهو ما بين قيمته صحيحا معيبا ومكسورا معيبا، ولا نظر إلى الثمن. والثالث: لا يرد أصلا كما في سائر العيوب الحادثة، فيرجع المشتري بأرش القديم أو يغرم أرش الحادث إلى آخر ما تقدم. أما ما لا قيمة له كالبيض المذر والبطيخ المدود كله أو المعفن فيتبين فيه فساد البيع لوروده على غير متقوم، ويلزم البائع تنظيف المكان منه.
تنبيه: قوله: ورانج يوهم عطفه على كسر مع أنه إذا كسر امتنع الرد، فكان حقه أن يقول: وثقب رانج كما قدرته في كلامه. وخرج بيض النعام ببيض الدجاج ونحوه فإنه لا قيمة لمذره بعد كسره فلا يتأتى فيه الأرش. (فإن أمكن معرفة القديم بأقل مما أحدثه) المشتري كالتقوير المستغنى عنه بالصغير، وكشق الرمان المشروط حلاوته لامكان معرفة حموضته بالغرز، كتقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شئ فيه. (فكسائر العيوب الحادثة) فيما تقدم فيها. ولو أطلق بيع الرمان لم يقتض حموضة ولا حلاوة، فلا تكون حموضته عيبا، قاله القاضي حسين.
فرع: لو بان العيب وقد أنعل الدابة ونزع النعل يعيبها فبنزعه بطل حقه من الرد والأرش لقطعه الخيار بتعييبه بالاختيار، وإن سلمها بنعلها أجبر البائع على قبول النعل إذ لا منة عليه فيه ولا ضرر، وليس للمشتري طلب قيمتها فإنها حقيرة في معرض رد الدابة، فلو سقطت استردها المشتري لأن تركها إعراض لا تمليك، وإن لم يعيبها نزعها لم يجبر البائع على قبولها بخلاف الصوف يجبر على قبوله كما قاله القاضي، لأن زيادته تشبه زيادة السمن بخلاف النعل فينزعها. فإن قيل: قد مر أن الأنعال في مدة طلب الخصم أو الحاكم يضر فهلا كان هناك كذلك أجيب بأن ذلك اشتغال يشبه الحمل على الدابة وهذا تفريع. وقد ذكر القاضي أن اشتغاله بجز الصوف مانع له من الرد بل يرد ثم يجز.
فرع: لا يرد بعض المبيع في صفقة بالعيب قهرا وإن زال الباقي عن ملكه للبائع وفاقا لما جزم به المتولي والسبكي والبغوي، لأنه وقت الرد لم يرد كما تملك، خلافا لما في تعليق القاضي من أن له الرد إذ ليس فيه تبعيض على البائع أو كان المبيع مثليا بناء على أن المانع اتحاد الصفقة وهو المعتمد خلافا لبعض المتأخرين بناء على المانع ضرر التبعيض. ولو (اشترى عبدين) أو في معناهما من كل شيئين لا تتصل منفعة أحدهما بالآخر، (معيبين) من واحد، (صفقة) ولم يعلم عيبهما، (ردهما) بعد ظهوره لوجود المقتضى لردهما. ويجري في رد أحدهما دون الآخر الخلاف المذكور في قوله: (ولو ظهر عيب أحدهما) دون الآخر، (ردهما لا المعيب وحده) قهرا (في الأظهر) لما فيه من تفريق الصفقة على البائع من غير ضرورة، فإن رضي البائع بذلك جاز. وسبيل التوزيع بتقديرهما سليمين وتقويمهما - أي سليمين - ويقسط الثمن المسمى عليهما. والثاني: له رده وأخذ قسطه من الثمن لاختصاصه بالعيب.
تنبيه: أشار بقوله: عبدين إلى أن محل الخلاف في شيئين لا تتصل منفعة أحدهما بالآخر كما مر. أما ما تتصل منفعة أحدهما بالآخر كمصراعي باب وزوجي خف فلا يرد المعيب منهما وحده قهرا قطعا. (ولو) تعددت الصفقة بتعدد البائع، كأن (اشترى عبد رجلين معيبا) أو بتفصيل الثمن، كأن اشترى عبدين كل واحد منها بمائة، (فله) في الأولى (رد نصيب أحدهما) وله في الثانية رد أحدهما أو بعدد المشتري، كما قال: (ولو اشترياه) أي اثنان عبد واحد كما في المحرر، (فلاحدهما الرد) لنصيبه (في الأظهر) لأنه رد جميع ما ملكه من المردود عليه.
تنبيه: ظاهر عبارة المصنف أن الضمير في اشترياه يعود على عبد الرجلين لولا ما قدرته، وحينئذ فيكون هذا