مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦١
البيع في حكم أربع عقود، ويكون كل واحد منهما مشتريا للربع من هذا والربع من ذاك حتى يرد على من شاء منهما الربع. وهو صحيح من حيث الحكم لا من حيث الخلا ف، لأن الصفقة تتعدد بتعدد البائع قطعا وبتعدد المشتري في الأظهر كما تقدم، وحينئذ يتعين إعادة الضمير في كلام المصنف على المبيع من رجل واحد. ولو اشتراه واحد من وكيل اثنين أو من وكيلي واحد جاء الخلاف في أن العبرة بالوكيل أو بالموكل، وقد مر في تفريق الصفقة. ولو اشترى ثلاثة من ثلاثة فكل مشتر من كل تسعة، وضابط ذلك أن تضرب عدد البائعين في عدد المشترين عند التعدد من الجانبين أو أحدهما عند الانفراد في الجانب الآخر، فما حصل فهو عدد العقود. ولو اشترى بعض عبد ثم علم العيب بعدما تعذر رده، كأن خرج عن ملكه أو رهنه، ثم اشترى باقيه ثم عاد إليه البعض الأول كان له رده دون الثاني لأنه اشتراه عالما بعيبه. (ولو اختلفا في قدم العيب) وحدوثه، كأن قال كل للآخر حدث عندك ودعواهما فيه ممكنة بأن احتمل قدمه وحدوثه كبرص، (صدق البائع) لأن الأصل عدم العيب، (بيمينه) لاحتمال صدق المشتري، فالبائع يدعي الحدوث ويتصور أن يدعي قدمه، وهو فيما إذا باع الحيوان بشرط البراءة من كل عيب، والحكم فيها كالأولى على الظاهر، وقيل:
المصدق في هذه المشتري. وإذا صدقنا البائع بيمينه في الأولى لا يثبت بيمينه حدوث العيب مطلقا، لأنها صلحت للدفع عنه فلا تصلح لشغل ذمة المشتري، فلو فسخ البيع مثلا بتحالف بعد ذلك لم يكن له أرش العيب وللمشتري أن يحلف الآن أنه ليس بحادث، قاله القاضي والامام والغزالي. أما ما لا يحتمل حدوثه بعد البيع كإصبع زائدة وشين شجة مندملة وقد جرى البيع أمس، أو لا يحتمل قدمه كشجة طرية وقد جرى البيع والقبض من سنة مثلا، فالقول قول المشتري في الأولى وقول البائع في الثانية بلا يمين فيهما.
تنبيه: لو باعه عصيرا وسلمه إليه فوجد في يد المشتري خمرا فقال البائع: عندك صار خمرا وقال المشتري: بل عندك كان خمرا، أو أمكن كل من الامرين، صدق البائع بيمينه لموافقته للأصل من استمرار العقد. ويستثنى من كلامه مسألتان:
الأولى: ما لو ادعى المشتري وجود عينين في يد البائع فاعترف بأحدهما وادعى حدوث الآخر في يد المشتري كان القول قول المشتري، لأن الرد يثبت بإقرار البائع بأحدهما فلا يبطل بالشك كما نقله ابن الأستاذ في شرح الوسيط عن النص.
قال ابن الرفعة: ولا بد من يمين المشتري، فإن نكل لم ترد على البائع، لأنها إنما ترد إذا كانت تثبت للمردد عليه حقا ولا حق له هنا، ولكن لا يثبت للمشتري الرد. الثانية: لو اشترى شيئا غائبا وكان قد رآه وأبرأ البائع من عيب به ثم أتاه به فقال المشتري: قد زاد العيب وأنكر البائع، فإن القول قول المشتري على الأصح المنصوص، لأن البائع يدعي عليه علمه بهذه الصفة فلم يقبل كادعائه اطلاعه على العيب، ذكراه في بيع الغائب. ولو اختلفا في وجود العيب أو صفته هل هي عيب أو لا، صدق البائع بيمينه، لأن الأصل عدم العيب ودوام العقد. وهذا إذا لم يعرف الحال من غيرهما، فإن عرف من غيرهما فلا بد من قول عدلين عارفين بذلك كما جزم به القاضي وغيره وتبعهم ابن المقري، وقيل: يكفي كما قاله البغوي، ولم يرجح الشيخان شيئا من المقالتين. وإذا حلف البائع يحلف (على حسب) بفتح السين، أي مثل، (جوابه) فإن قال في جوابه: ليس له الرد علي بالعيب الذي ذكره أو لا يلزمني من قبوله حلف على ذلك، ولا يكلف في الجواب التعرض لعدم العيب وقت القبض لجواز أن يكون المشتري علم العيب ورضي به. فلو قال البائع: علم المشتري العيب ورضي به كلف البينة على ذلك. وإن قال في جوابه: ما أقبضته وبه هذا العيب أو ما أقبضته إلا سليما من العيب حلف كذلك ولا يكفي في الجواب والحلف: ما علمت به هذا العيب عندي، ويجوز الحلف على البت اعتمادا على ظاهر السلامة إذا لم يعلم أو يظن خلافه. ولو ادعى البائع علم المشتري بالعيب أو تقصيره في الرد فالقول قول المشتري. قال الدارمي: هذا إذا كان مثل العيب يخفى على المشتري - أي عند الرؤية - فإن كان لا يخفى كقطع أنفه أو يده فالقول قول البائع. (والزيادة المتصلة) بالمبيع أو الثمن، (كالسمن) وكبر الشجرة وتعلم الصنعة والقرآن، (يتبع الأصل) في الرد لعدم إمكان إفرادها، ولان
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429