لفظة الأظهر لكان أولى وأخصر. وهذا الخيار في غير الربوي وفيما إذا لم يكن الأجنبي حربيا ولم يكن إتلافه بحق، وإلا فينفسخ البيع. فإن قيل: إذا غصب أجنبي العين المستأجرة حتى انقضت المدة انفسخت الإجارة ولم يخير المستأجر كما هنا. أجيب بأن المعقود عليه هنا المال وهو واجب على الجاني فتعدى العقد من العين إلى بدلها بخلاف المعقود عليه ثم فإنه المنفعة وهي غير واجبة على متلفها فلم يتعد العقد منها إلى بدلها. (ولو تعيب) المبيع بآفة سماوية (قبل القبض فرضيه) بأن أجاز البيع، (أخذه بكل الثمن) كما لو كان العيب مقارنا ولا أرش له لقدرته على الفسخ. (ولو عيبه المشتري فلا خيار) له لحصوله بفعله فيمتنع بسببه الرد القهري بالعيوب القديمة ويكون قابضا لما أتلفه، فلو قطع يده مثلا استقر عليه حصتها من الثمن وهو ما بين قيمته سليما ومعيبا، هذا إذا مات عند البائع بعد الاندمال، فإن سرى وجب الثمن لما مر أن إتلافه قبض، وبهذا فارق ثبوت الخيار فيما لو عيب المستأجر العين المؤجرة وما لو جبت المرأة ذكر زوجها، إذ لا يتخيل أن ذلك قبض لأن المستأجر والمرأة لم يتصرفا في ملكهما بل فيما يتعلق به حقهما فلا يكونان بذلك مستوفيين بخلاف المشتري. (أو) عيبه (الأجنبي) غير الحربي بغير حق، (فالخيار) بتعيينه ثابت للمشتري قياسا على ما مر في الاتلاف. (فإن أجاز) البيع (غرم الأجنبي الأرش) لأنه الجاني ولكن بعد قبض المبيع، أما قبله فلا لجواز تلفه فينفسخ المبيع. والمراد بالأرش في الرقيق ما يأتي في الديات، ففي يده نصف قيمته لا ما نقص منه، وفي غيرها ما نقص من قيمته. (ولو عيبه البائع فالمذهب ثبوت الخيار) للمشتري، (لا التغريم) أما الخيار فلا خلاف في ثبوته لأن فعل البائع إما كالآفة وإما كفعل الأجنبي، وكلاهما مثبت للخيار قطعا، وإنما الخلاف في التغريم، والمذهب أنه لا يثبت بناء على أنه كإتلافه الذي هو كالتلف بآفة على الراجح المقطوع به كما مر. ومقابله ثبوت الخيار مع التغريم بناء على أن فعل البائع كفعل الأجنبي، فصح تعبيره هنا بالمذهب كما هناك، وكان الأولى في التعبير أن يقول ثبت الخيار لا التغريم على المذهب. ولو لم يعلم المشتري بالحال حتى قبض وحدث عنده عيب كان له الأرش لتعذر الرد.
(ولا يصح بيع المبيع قبل قبضه) ولا الاشراك فيه ولا التولية منقولا كان أو عقارا وإن أذن البائع في قبض الثمن، لخبر: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه، قال ابن عباس: ولا أحسب كل شئ إلا مثله رواه الشيخان. ولقوله (ص) ل حكيم بن حزام: لا تبيعن شيئا حتى تقبضه رواه البيهقي وقال: إسناده حسن متصل. ولضعف الملك قبل القبض بدليل انفساخ العقد بالتلف قبله. فإن قيل: يصح أن يؤجر ما استأجره قبل قبضه فلأي شئ ما امتنع كما في البيع؟ أجيب بأن البيع قد ورد على العين والقبض يتأتى فيها حقيقة والإجارة واردة على المنفعة فلم يكن القبض لها حقيقة. (والأصح أن بيعه للبائع كغيره) فلا يصح لعموم الاخبار ولضعف الملك. والثاني: يصح كبيع المغصوب من الغاصب. ومحل الخلاف إذا باعه بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة، وإلا فهو إقالة بلفظ البيع كما نقلاه عن المتولي وأقراه فيصح، وقيل: لا يصح. وقد ذكر القاضي القولين وبناهما على أن العبرة في العقود باللفظ أو بالمعنى، والأصحاب تارة يعتبرون اللفظ وهو الأكثر، كما لو قال: بعتك هذا بلا ثمن لا ينعقد بيعا ولا هبة على الصحيح، وكما لو قال: اشتريت منك ثوبا صفته كذا بكذا ينعقد بيعا لا سلما على الصحيح. وتارة يعتبرون المعنى كما لو قال: وهبتك هذا الثوب بكذا ينعقد بيعا على الصحيح، فلم يطلقوا القول باعتبار اللفظ بل يختلف الجواب بقوة المدرك كالابراء في أنه إسقاط أو تمليك، وفي أن النذر يسلك به مسلك الواجب أو الجائز، وفي أن الطلاق الرجعي يزيل الملك أم لا. وتارة لا يراعون اللفظ ولا المعنى فيما إذا قال: أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد، فإن الصحيح أنه لا ينعقد بيعا ولا سلما.
وكان الأولى للمصنف أن يعبر بالمذهب، ففي شرح المهذب أن مقابله شاذ ضعيف، والأكثرون على القطع بالبطلان.