مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٨
لفظة الأظهر لكان أولى وأخصر. وهذا الخيار في غير الربوي وفيما إذا لم يكن الأجنبي حربيا ولم يكن إتلافه بحق، وإلا فينفسخ البيع. فإن قيل: إذا غصب أجنبي العين المستأجرة حتى انقضت المدة انفسخت الإجارة ولم يخير المستأجر كما هنا. أجيب بأن المعقود عليه هنا المال وهو واجب على الجاني فتعدى العقد من العين إلى بدلها بخلاف المعقود عليه ثم فإنه المنفعة وهي غير واجبة على متلفها فلم يتعد العقد منها إلى بدلها. (ولو تعيب) المبيع بآفة سماوية (قبل القبض فرضيه) بأن أجاز البيع، (أخذه بكل الثمن) كما لو كان العيب مقارنا ولا أرش له لقدرته على الفسخ. (ولو عيبه المشتري فلا خيار) له لحصوله بفعله فيمتنع بسببه الرد القهري بالعيوب القديمة ويكون قابضا لما أتلفه، فلو قطع يده مثلا استقر عليه حصتها من الثمن وهو ما بين قيمته سليما ومعيبا، هذا إذا مات عند البائع بعد الاندمال، فإن سرى وجب الثمن لما مر أن إتلافه قبض، وبهذا فارق ثبوت الخيار فيما لو عيب المستأجر العين المؤجرة وما لو جبت المرأة ذكر زوجها، إذ لا يتخيل أن ذلك قبض لأن المستأجر والمرأة لم يتصرفا في ملكهما بل فيما يتعلق به حقهما فلا يكونان بذلك مستوفيين بخلاف المشتري. (أو) عيبه (الأجنبي) غير الحربي بغير حق، (فالخيار) بتعيينه ثابت للمشتري قياسا على ما مر في الاتلاف. (فإن أجاز) البيع (غرم الأجنبي الأرش) لأنه الجاني ولكن بعد قبض المبيع، أما قبله فلا لجواز تلفه فينفسخ المبيع. والمراد بالأرش في الرقيق ما يأتي في الديات، ففي يده نصف قيمته لا ما نقص منه، وفي غيرها ما نقص من قيمته. (ولو عيبه البائع فالمذهب ثبوت الخيار) للمشتري، (لا التغريم) أما الخيار فلا خلاف في ثبوته لأن فعل البائع إما كالآفة وإما كفعل الأجنبي، وكلاهما مثبت للخيار قطعا، وإنما الخلاف في التغريم، والمذهب أنه لا يثبت بناء على أنه كإتلافه الذي هو كالتلف بآفة على الراجح المقطوع به كما مر. ومقابله ثبوت الخيار مع التغريم بناء على أن فعل البائع كفعل الأجنبي، فصح تعبيره هنا بالمذهب كما هناك، وكان الأولى في التعبير أن يقول ثبت الخيار لا التغريم على المذهب. ولو لم يعلم المشتري بالحال حتى قبض وحدث عنده عيب كان له الأرش لتعذر الرد.
(ولا يصح بيع المبيع قبل قبضه) ولا الاشراك فيه ولا التولية منقولا كان أو عقارا وإن أذن البائع في قبض الثمن، لخبر: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه، قال ابن عباس: ولا أحسب كل شئ إلا مثله رواه الشيخان. ولقوله (ص) ل حكيم بن حزام: لا تبيعن شيئا حتى تقبضه رواه البيهقي وقال: إسناده حسن متصل. ولضعف الملك قبل القبض بدليل انفساخ العقد بالتلف قبله. فإن قيل: يصح أن يؤجر ما استأجره قبل قبضه فلأي شئ ما امتنع كما في البيع؟ أجيب بأن البيع قد ورد على العين والقبض يتأتى فيها حقيقة والإجارة واردة على المنفعة فلم يكن القبض لها حقيقة. (والأصح أن بيعه للبائع كغيره) فلا يصح لعموم الاخبار ولضعف الملك. والثاني: يصح كبيع المغصوب من الغاصب. ومحل الخلاف إذا باعه بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة، وإلا فهو إقالة بلفظ البيع كما نقلاه عن المتولي وأقراه فيصح، وقيل: لا يصح. وقد ذكر القاضي القولين وبناهما على أن العبرة في العقود باللفظ أو بالمعنى، والأصحاب تارة يعتبرون اللفظ وهو الأكثر، كما لو قال: بعتك هذا بلا ثمن لا ينعقد بيعا ولا هبة على الصحيح، وكما لو قال: اشتريت منك ثوبا صفته كذا بكذا ينعقد بيعا لا سلما على الصحيح. وتارة يعتبرون المعنى كما لو قال: وهبتك هذا الثوب بكذا ينعقد بيعا على الصحيح، فلم يطلقوا القول باعتبار اللفظ بل يختلف الجواب بقوة المدرك كالابراء في أنه إسقاط أو تمليك، وفي أن النذر يسلك به مسلك الواجب أو الجائز، وفي أن الطلاق الرجعي يزيل الملك أم لا. وتارة لا يراعون اللفظ ولا المعنى فيما إذا قال: أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد، فإن الصحيح أنه لا ينعقد بيعا ولا سلما.
وكان الأولى للمصنف أن يعبر بالمذهب، ففي شرح المهذب أن مقابله شاذ ضعيف، والأكثرون على القطع بالبطلان.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429