مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٠
لا تنفسخ الإجارة بطرو الحرية لا تنفسخ بطرو الرق، فلو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو استأجر منه دارا في دار الحرب ثم ملكها المسلمون لم تنفسخ الإجارة وإن أجر دارا بعبد ثم قبضه وأعتقه ثم انهدمت فالرجوع بقيمته، ولو ظهر بالعبد عيب بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة ملك العتيق منافع نفسه لأنه صار مستقلا. فإن قيل لو بيع المؤجر وانفسخت الإجارة أن المنفعة ترجع للبائع لا للمشترى كما يأتي آخر الباب فكان القياس أنها ترجع للسيد كما رجحه الأسنوي؟.
أجيب بأن العتق لما كان متقربا به والشارع متشوفا إليه كانت منافع له نظرا لمقصود من كمال تقربه، بخلاف البيع ونحوه، ولو أجر المكاتب نفسه ثم عجره سيده انفسخت الإجارة لزوال ملكه عن نفسه، ولا تصح مكاتبة المؤجر إذا لا يمكنه التصرف لنفسه (ويصح بيع) العين (المستأجرة) قبل انقضاء مدة الإجارة (للمكترى) لأنها بيده من غير حائل فأشبه بيع المغصوب من الغاصب (ولا تنفسخ الإجارة في الأصح) لأن الملك لا ينافيها ولهذا يستأجر ملكه من المستأجر. والثاني تنفسخ كما لو اشترى زوجته فان النكاح ينفسخ. وأجاب الأول بأنه إنما ينتقل إلى المشتري ما كان للبائع والبائع حين البيع ما كان يملك المنفعة، بخلاف النكاح فإن السيد يملك منفعة بضع أمته المزوجة بدليل أنها لو وطئت بشبهة كان المهر للسيد لا للزوج.
(تنبيه) قول المصنف: في الأصح راجع إلى الانفساخ. أما البيع فصحيح قطعا كما في أصل الروضة (ولو باعها) المؤجر أو وهبها (لغيره) أذن المستأجر أم لا (جاز في الأظهر) لأن ثبوت العقد على المنفعة لا يمنع بيع الرقبة كالأمة المزوجة والثاني لا يجوز لأن يد المستأجر مانعة من التسليم. وأجيب بأن العين تؤخذ منه وتسلم للمشترى ثم تعاد إليه يستوفى منفعتها إلى آخر المدة ويعفى عن القدر يعق التسليم فيه لأن يسير لا يثبت فيه خيار المستأجر كما لو انسدت بالوعة الدار فلا خيار لأن زمن فتحها يسير.
(تنبيه) ما أطلقه المصنف من الصحة تبع فيه الجمهور، ومحله إذا كانت الإجارة مقدرة بالمدة. فإن قدرت بعمل غير مقدر بمدة كأن استأجر دابة للركب إلي بلد كذا، فعن أبي الفرج الزوازان: البيع ممتنع قولا واحد الجهالة مدة السير ذكره البلقيني، ويقاس بالبيع ما في معناه، ويستثنى من محل الخلاف مسألة هرب الجمال السابقة فإن يباع من الجمال قدر النفقة، قالا ولا يخرج على الخلاف في بيع المستأجر لأنه محل ضرورة، والبيع الضمني كأعتق عبدك عنى على كذا فأعتقه عنه وهو مستأجر فإنه يصح قطعا لقوة العتق كما نقلاه عن القفال في كفارة الظهارة وأقراه (ولا تنفسخ) الإجارة بما ذكر قطعا كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة من غير الزوج فتبقى في يده المستأجر إلى انقضاء المدة، وللمشتري الخيار إن جهل الإجارة، وكذا إن علمها وجهل المدة كما قاله الرافعي في باب بيع الأصول والثمار، ولو قال علمت بالإجارة ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة. قال الغزالي في فتاويه: ثبت له الخيار إن كان ممن يشتبه عليه ذلك. وأجاب أبو بكر الشاشي بالمنع. قال الزركشي: والأول أوجه لأنه مما يخفى فإن علمها ولم يكن ذلك فلا خيار ولا أجرة، وإن جهل ثم علم وأجار فلا أجرة له لبقية المدة كما قاله البغوي، ولو وجده المستأجر به عيبا وفسخ الإجارة أو عرض ما تنفسخ به الإجارة فمنفعة بقية المدة بقية المدة للبائع في أحد وجهين رجحه ابن المقرى لا للمشترى لأنه لم يملك منافع تلك المدة ولان الفسخ يرفع العقد من حينئذ لامن أصله.
(خاتمة) لو ألزم ذمته نسج ثوب على أن ينسجه بنفسه لم يصح التزامه لأنه غرر فإنه ربما يموت قبل النسخ، ولو استأجر شخصا للخدمة ولو مطلقا عن ذكر وقتها وتفصيل أنواعها صح، وحمل الاطلاق على العرف في المستأجر والأجير رتبة وذكورة وأنوثة ومكانا ووقتا وغيرها، وإن استأجر للخبز بين أن ما يخبزه أرغفة أو أقراص غلاظ أو والأجير رتبة وذكورة وأنوثة ومكانا ووقتا وغيرها، وإن استأجر للخبز بين أن ما يخبزه أرغفة أو أقراص غلاط أو رقاق، وأنه يخبر في فرق أن تنور، وحطب الخبار كحبر النساخ فيعتبر فيه العرف، وعلى الأجير لغسل الثياب أجرة من يحملها إليه، لأن حملها إليه من تمام الغسل إلا إن شرطت الأجرة على المستأجر فتلزمه، ولو استعار دابة ليركبها إلى بلد فركبها إليه ردها إلي المكان الذي سار منه ولو راكبا لها لأن الرد لازم له، فالاذن يتناوله بالعرف
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429