المعتاد) فإن كفاها لم يحتج لترتيب الماء. ويستثنى من ترتيب الماء صورتان: إحداهما أرضي الجبال التي لا يمكن سوق الماء إليها ولا يكفيها المطر المعتاد، فإنها تملك بالحراثة، وجمع التراب في أحد وجهين اقتضى كلام الرافعي ترجيحه ونقله الخوارزمي عن سائر الأصحاب. الثانية: أراضي البطائح، وهي بناحية العراق غلب عليها الماء فالشرط في إحيائها حبس الماء عنها عكس غيرها، ذكره الماوردي و الروياني وغيرهما. و (لا) يشترط في إحيائها (الزراعة في الأصح) لأنه استيفاء منفعة الأرض، وهو خارج عن الاحياء كما لا يعتبر في إحياء الدار سكناها. والثاني: يشترط، إذ الدار لا تصير محياة إلا إذا جعل فيها عين مال المحيي، فكذا المزرعة وما يبذر فيها يقال له زريعة بتخفيف الراء وجمعها زرائع، وأما الحصاد فلا يشترط جزما. (أو) أراد إحياء الموات (بستانا فجمع التراب) يشترط حول الأرض كالمزرعة. وحكم الكرم حكم البستان. (والتحويط حيث جرت العادة به) عملا بها، وإن جرت بتحويط ببناء اشترط أو بقصب أو شوك كفى، أو اكتفت بجمع تراب كفى، فعلم بذلك أنه لا يشترط الجمع بين التحويط وجمع التراب. وعبارة المصنف تقتضي اشتراط جمع التراب مع التحويط، وليس مرادا، إذ لا معنى له، فلو قيد التراب بحالة عدم التحويط كان أولى. وعبارته توهم أيضا أنه لا يشترط شئ من ذلك في موضع إن لم يعتد. وعبارة الروضة والشرحين: ولا بد من التحويط والرجوع فيما يحوط به إلى العادة. (وتهيئة ماء) على ما سبق في المزرعة. (ويشترط) في إحياء الموات بستانا، (الغرس على المذهب) وقيل: لا يشترط كالزرع في المزرعة. وفرق الأول بينهما بأن اسم المزرعة يقع على الأرض قبل الزرع بخلاف البستان قبل الغرس، ولان الغرس للدوام فالتحق ببناء الدار بخلاف الزرع، ومن شرط الزرع في المزرعة شرط الغرس في البستان بطريق الأولى، فهذه طريقة ثانية قاطعة بالاشتراط.
تنبيه: قد يفهم كلامه الاكتفاء بغرس البعض، وهو كذلك كما صححه في البسيط، لكن يشترط كما قال الأذرعي غرس ما يسمى به بستانا. ويبعد الاكتفاء بغرس شجرة أو شجرات في أرض واسعة، ولا يشترط أن يثمر الغراس.
وسكت المصنف عن نصب الباب، وظاهره أنه لا يشترط، وهو كذلك وإن صرح الحاوي الصغير تبعا للغزالي باشتراطه.
ويشترط في إحياء البئر خروج الماء وطي البئر الرخوة أرضها بخلاف الصلبة، وفي إحياء بئر القناة خروج الماء وجريانه. ولو حفر نهرا ممتدا إلى النهر القديم بقصد التملك ليجري فيه الماء ملكه ولو لم يجره، كما لا يشترط السكنى في إحياء المسكن. (ومن شرع في عمل إحياء) لنوع فغيره لنوع آخر ملكه بما يحيي به ذلك النوع، كأن شرع في عمل بستان ثم قصد أن يجعله مزرعة ملكه بما تملك به المزرعة. وكلام ابن المقري في روضه محمول على ذلك، لا على ما حمله شيخنا عليه من أنه لو حوط البقعة ملكها وإن قصد المسكن، لأنه مما تملك به الزريبة لو قصدها. واعترضه بأنه احتمال للإمام مخالف لكلام الأصحاب.
ولو شرع في عمل إحياء (ولم يتمه) كأن حفر أساسا أو جمع ترابا (أو أعلم) عطف على شرع، أي جعل له علامة العمارة، (على بقعة بنصب أحجار أو غرز خشبا) فيها أو نحو ذلك كأن خط خطا أو جمع ترابا حولها، (فمتحجر) لذلك المحل في الصور المذكورة، لأنه بذلك منع غيره منه. (وهو أحق به) من غيره: يعني مستحقا له دون غيره، لحديث أبي داود: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له ولان الاحياء يفيد الملك فليفد الشروع فيه الامتناع كالاستيام مع الشراء. وهذه الأحقية أحقية احتصاص لا ملك، لأن سببه الاحياء ولم يوجد. ولها شرطان، أحدهما: أن لا يزيد على قدر كفايته، فإن خالف كان لغيره أن يحيي ما زاد على كفايته كما قاله المتولي، وقيل: لا يصح بحجره أصلا. الثاني:
القدرة على تهيئة الاكمال، فلو تحجر ما يعجز عن إحيائه كان لغيره إحياء الزائد كما مر. ولما كانت أحقية المتحجر ما يحجره قد توهم أحقية الملك استدرك المصنف بقوله: (لكن الأصح) المنصوص (أنه لا يصح بيعه) أي أحقية