مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
المعتاد) فإن كفاها لم يحتج لترتيب الماء. ويستثنى من ترتيب الماء صورتان: إحداهما أرضي الجبال التي لا يمكن سوق الماء إليها ولا يكفيها المطر المعتاد، فإنها تملك بالحراثة، وجمع التراب في أحد وجهين اقتضى كلام الرافعي ترجيحه ونقله الخوارزمي عن سائر الأصحاب. الثانية: أراضي البطائح، وهي بناحية العراق غلب عليها الماء فالشرط في إحيائها حبس الماء عنها عكس غيرها، ذكره الماوردي و الروياني وغيرهما. و (لا) يشترط في إحيائها (الزراعة في الأصح) لأنه استيفاء منفعة الأرض، وهو خارج عن الاحياء كما لا يعتبر في إحياء الدار سكناها. والثاني: يشترط، إذ الدار لا تصير محياة إلا إذا جعل فيها عين مال المحيي، فكذا المزرعة وما يبذر فيها يقال له زريعة بتخفيف الراء وجمعها زرائع، وأما الحصاد فلا يشترط جزما. (أو) أراد إحياء الموات (بستانا فجمع التراب) يشترط حول الأرض كالمزرعة. وحكم الكرم حكم البستان. (والتحويط حيث جرت العادة به) عملا بها، وإن جرت بتحويط ببناء اشترط أو بقصب أو شوك كفى، أو اكتفت بجمع تراب كفى، فعلم بذلك أنه لا يشترط الجمع بين التحويط وجمع التراب. وعبارة المصنف تقتضي اشتراط جمع التراب مع التحويط، وليس مرادا، إذ لا معنى له، فلو قيد التراب بحالة عدم التحويط كان أولى. وعبارته توهم أيضا أنه لا يشترط شئ من ذلك في موضع إن لم يعتد. وعبارة الروضة والشرحين: ولا بد من التحويط والرجوع فيما يحوط به إلى العادة. (وتهيئة ماء) على ما سبق في المزرعة. (ويشترط) في إحياء الموات بستانا، (الغرس على المذهب) وقيل: لا يشترط كالزرع في المزرعة. وفرق الأول بينهما بأن اسم المزرعة يقع على الأرض قبل الزرع بخلاف البستان قبل الغرس، ولان الغرس للدوام فالتحق ببناء الدار بخلاف الزرع، ومن شرط الزرع في المزرعة شرط الغرس في البستان بطريق الأولى، فهذه طريقة ثانية قاطعة بالاشتراط.
تنبيه: قد يفهم كلامه الاكتفاء بغرس البعض، وهو كذلك كما صححه في البسيط، لكن يشترط كما قال الأذرعي غرس ما يسمى به بستانا. ويبعد الاكتفاء بغرس شجرة أو شجرات في أرض واسعة، ولا يشترط أن يثمر الغراس.
وسكت المصنف عن نصب الباب، وظاهره أنه لا يشترط، وهو كذلك وإن صرح الحاوي الصغير تبعا للغزالي باشتراطه.
ويشترط في إحياء البئر خروج الماء وطي البئر الرخوة أرضها بخلاف الصلبة، وفي إحياء بئر القناة خروج الماء وجريانه. ولو حفر نهرا ممتدا إلى النهر القديم بقصد التملك ليجري فيه الماء ملكه ولو لم يجره، كما لا يشترط السكنى في إحياء المسكن. (ومن شرع في عمل إحياء) لنوع فغيره لنوع آخر ملكه بما يحيي به ذلك النوع، كأن شرع في عمل بستان ثم قصد أن يجعله مزرعة ملكه بما تملك به المزرعة. وكلام ابن المقري في روضه محمول على ذلك، لا على ما حمله شيخنا عليه من أنه لو حوط البقعة ملكها وإن قصد المسكن، لأنه مما تملك به الزريبة لو قصدها. واعترضه بأنه احتمال للإمام مخالف لكلام الأصحاب.
ولو شرع في عمل إحياء (ولم يتمه) كأن حفر أساسا أو جمع ترابا (أو أعلم) عطف على شرع، أي جعل له علامة العمارة، (على بقعة بنصب أحجار أو غرز خشبا) فيها أو نحو ذلك كأن خط خطا أو جمع ترابا حولها، (فمتحجر) لذلك المحل في الصور المذكورة، لأنه بذلك منع غيره منه. (وهو أحق به) من غيره: يعني مستحقا له دون غيره، لحديث أبي داود: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له ولان الاحياء يفيد الملك فليفد الشروع فيه الامتناع كالاستيام مع الشراء. وهذه الأحقية أحقية احتصاص لا ملك، لأن سببه الاحياء ولم يوجد. ولها شرطان، أحدهما: أن لا يزيد على قدر كفايته، فإن خالف كان لغيره أن يحيي ما زاد على كفايته كما قاله المتولي، وقيل: لا يصح بحجره أصلا. الثاني:
القدرة على تهيئة الاكمال، فلو تحجر ما يعجز عن إحيائه كان لغيره إحياء الزائد كما مر. ولما كانت أحقية المتحجر ما يحجره قد توهم أحقية الملك استدرك المصنف بقوله: (لكن الأصح) المنصوص (أنه لا يصح بيعه) أي أحقية
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429