كذا استثناها بعضهم ونازع في التوشيح في استثنائها، وقال إنه كغيره وهو الظاهر، وأن داخل الحمام بلا إذن من الحمامي فإنه يلزمه الأجرة وإن لم يجر لها ذكر، والفرق وبينه وبين القصار. ونحوه أن هؤلاء صرفوا منافعهم لغيرهم، والداخل للحمام استوفى منفعة الحمام بسكونه، فإن أذن له في الدخول، فالحمامي فيه كالأجير كما قالوا به فيمن دخل سفينة بإذن صاحبها حتى أتى الساحل فإنه كالأجير فيما ذكر: أي فلا أجرة له، دخلها بغير إذن استحق عليه الأجرة. قال في المطلب: ولعله فيما إذا لم يعلم به مالكها حيت سيرها، وإلا فيشبه أن يكون كما لو وضع متاعه على دابة غيره فيسرها مالكها فإنه لا أجرة على مالكه ولا ضمان.
(فرع) ما يأخذه الحمامي أجرة الحمام والآلة من سطل وإزار ونحوها وحفظ المتاع لا ثمن الماء كما مرت الإشارة إليه لأنه غير مضبوط فلا يقابل بعوض، فالحمامي مؤجر للآلة وأجير مشترك في الأمتعة فلا يضمنها كسائر الاجراء، والآلة غير مضمونة على الداخل لأنه مستأجر لها ولو كان مع الداخل الآلة ومن يحفظ المتاع كان ما يأخذه الحمامي أجرة الحمام فقط (ولو تعدى المستأجر بأن ضرب لا دابة أو كبحها) بموحدة ومهملة ويقال بميم بدل الموحدة، ويقال بمثناة فوقية بدل الموحدة أيضا ويقال أقبح، والمعنى أن المستأجر جذبها باللجام لتقف، وقوله (فوق العادة) قيد في المسألتين (أو أركبها أثقل منه، أو أسكن حدادا أو قصارا) وهما أشد ضررا مما استأجر له (ضمن العين) أي دخلت في ضمانه لتعديه والقرار على المستعمل الثاني إن علم الحال، وإلا فعلى الأول إن كانت يد الثاني يد أمانة كالمستأجر فإن كانت يد ضمان كالمستعير فالقرار عليه كما أوضحوه في الغصب نبه عليه الأسنوي وغيره. فإن قيل: ما ذكروه في الغصب فيمن ترتبت يده على يد الغاصب وهنا ترتبت يده على يد المستأجر، والأصح أن المستعير من المستأجر لا يضمن. أجيب بأنه بإركابه من هو أصقل منه صار في حكم الغاصب ولهذا ضمن العين، ويؤيده قولهم، إنه لو أركب مثله فجاوز العادة في الصرب كان الضمان على الثاني دون الأولى لأنه لم يتعد. أما الضرب المعتاد إذا أفضى إلى تلف فلا يوجب ضمانا. فإن قيل: ضرب الزوج زوجته الضرب المعتاد يوجب الضمان. أجيب بأن تأديها ممكن باللفظ وعلى تقدير الظن بأنه لا يفيد إلا الضرب فهو اجتهاد فاكتفى به للإباحة دون سقوط الضمان، ولو إذ تدف مع مكتريي دابة ركباها ثالث عدوانا ضمن الثلث إن تلف توزيعا على رؤوسهم لاعلى قدر أوزانهم، لأن الناس لا يوزنون غالبا ولو سخر رجلا وبهيمته فماتت في يد صاحبها قل استعمالها فلا ضمان على المسخر لأنها في يد صاحبها. أما بعد استعمالها فهي معارة.
(تنبيه) أشار المصنف بالأمثلة المذكورة إلى أن التعدي في رقبة العين المستأجر ليخرج ما لو أجر الأرض لزرع حنطة فزرع الذرة فإنه لا يكون ضامنا للأرض على الأصح في زيادة الروضة لأنه تعدى في المنفعة لا الرقبة ويلزمه أجرة المثل للذرة (وكذا) يصير ضامنا (لو أكثري) دابة (لحمل مائة رطل من حنطة فحمل) عليها (مائة شعير أو عكس) بأن أكثرها لحمل مائة رطل شعير فحمل عليها مائة حنطة لأن الحنطة أثقل فيجتمع ثقلها في موضع واحد والحديد. قال القاضي الحسين وسواء أتلفت بذلك السبب أم بغيره لأن يده صارت يد عدوان، ويبدل بالقطن الصوف والوبر لأنهما مثله في الحجم لا الحديد، ويبدل بالحديد الرصاص والنحاس لأنهما مثله في الحجم لا القطن (أو) اكتراها (لعشرة أقفزة شعير فحمل) عشرة (حنطة) فإنه يصير ضامنا للدابة لأنها أثقل، والأقفزة، وهو مكيال يسع اثنى عشر صاعا (دون عكسه) لخفة مع استوائهما في الحجم (ولو أكثري) دابة (لمائة) أي لحمل مائة رطل حنطة مثلا (فحمل) عليها (مائة) منها (وعشرة لزمه أجرة المثل للزيادة) مع المسمى على المشهور لتعديه بذلك