الرهن، فإذا قال: لم يكن إقراري عن حقيقة فله تحليف المقر له أنه قبض الموهوب وإن لم يذكر لاقراره تأويلا. (ولو قال هذه الدار) مثلا التي في يدي (لزيد) لا (بل لعمرو، أو غصبتها من زيد) لا (بل) غصبتها (من عمرو) نزعت من يده و (سلمت لزيد) لأن من أقر بحق لآدمي لا يقبل رجوعه عنه. (والأظهر أن المقر) بعد تسليمها لزيد (يغرم قيمتها لعمر بالاقرار) لأنه حال بينه وبين ملكه بإقراره الأول، والحيلولة سبب الضمان، كما لو غصب عبدا فأبق من يده . والثاني: لا يغرم له، لأن الاقرار الثاني صادف ملك الغير فلا يلزمه به شئ كما لو أقر بالدار التي بيد زيد لعمرو، ولو قال:
غصبتها من زيد وغصبها زيد من عمرو سلمها لزيد لسبق إقراره وغرم لعمرو القيمة لأنه وصل إقراره الثاني بالأول، أولا تسلمها زيد بنفسه أو سلمها له الحاكم للحيلولة بإقراره الأول، والحيلولة توجب الضمان كالاتلاف. ولو عطف ب ثم ففي الوسيط أنه يغرم أيضا. ولو قال: غصبتها من زيد وعمرو سلمت إليهما، أو: غصبتها من زيد وغصبتها من عمرو، فالحكم كذلك أحد وجهين رجحه السبكي. ولو قال: غصبتها من زيد والملك فيها لعمرو سلمت لزيد لأنه اعترف له بالملك، ولا يغرم لعمرو لجواز كونها ملك عمرو وهي في يد زيد بإجارة أو وصية بمنافعها أو نحو ذلك كرهن. ثم شرع في القسم الثالث، وهو بيان الاستثناء، وهو إخراج ما لولاه لدخل فيما قبله ب إلا أو نحوها، وهو من الاثبات نفي ومن النفي إثبات، فقال: (ويصح الاستثناء) في الاقرار وغيره لكثرة وروده في القرآن وغيره، وهو مأخوذ من الثني بفتح الثاء المثلثة وسكون النون وهو الرجوع، ومنه ثنى عنان دابته: إذا رجع، فلما رجع في الاقرار ونحوه عما اقتضاه لفظة سمي استثناء.
واصطلاحا: إخراج لما بعد إلا وأخواتها من حكم ما قبلها في الايجاب وإدخاله في النفي. هذا (إن اتصل) بالمستثنى منه بحيث يعد معه كلاما واحدا عرفا فلا يضر الفصل اليسير بسكتة تنفس أو وعي أو تذكر أو انقطاع صوت كما نص عليه في الام، بخلاف الفصل بسكوت طويل وكلام أجنبي ولو يسيرا. وفي الكافي: لو قال: له علي ألف درهم - الحمد لله - إلا مائة لزمه الألف، ولو قال: ألف درهم أستغفر الله إلا مائة صح الاستثناء، وهذا هو المعتمد خلافا لابن المقري لأن قوله أستغفر الله لاستدراك ما سبق منه. ولا بد أن ينوي الاستثناء قبل فراغ الاقرار كما مرت الإشارة إليه. (ولم يستغرق) أي الاستثناء المستثنى منه، كقوله: له علي خمسة إلا أربعة، فإن استغرقه كقوله: له علي خمسة إلا خمسة فباطل لأنه رفع ما أثبته. ولا يجمع مفرق بالعطف في المستثنى أو المستثنى منه أو فيهما إن حصل بجمعه استغراق أو عدمه، لأن واو العطف وإن اقتضت الجمع لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ الذي يدور عليه الاستثناء، وهذا مخصص لقولهم: إن الاستثناء يرجع إلى جميع المعطوفات لا إلى الأخير فقط، فلو قال: له علي درهمان ودرهم أو درهم ودرهم ودرهم إلا درهما لزمه ثلاثة لأن المستثنى منه إذا لم يجمع مفرقه كان الدرهم الواحد مستثنى من درهم واحد فيستغرق فيلغو. ولو قال: له علي درهم ودرهم ودرهم إلا درهما ودرهما ودرهما لزمه ثلاثة، لأنه إذا لم يجمع مفرق المستثنى والمستثنى منه كان المستثنى درهما من درهم فيلغو، وقس على ذلك. (فلو قال: له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية لزمه تسعة) لأن الاستثناء من الاثبات نفي وعكسه كما مر. والطريق فيه وفي نظائره أن يجمع كل ما هو إثبات وكل ما هو نفي ويسقط المنفي من المثبت فيكون الباقي هو الواجب، فالعشرة والثمانية في هذا المثال مثبتان وهما ثمانية عشرة، والتسعة منفية، فإذا أسقطتها من الثمانية عشر يبقى تسعة، فإن قال مع ذلك: إلا سبعة وهكذا إلى الواحد لزمه خمسة لأن العدد المثبت ثلاثون والمنفي خمسة وعشرون، فإذا أسقطتها بقي خمسة. ولك طريق آخر، وهي أن تخرج المستثنى الأخير مما قبله وما بقي منه يخرج مما قبله، فتخرج الواحد من الاثنين وما بقي تخرجه من الثلاثة وما بقي تخرجه من الأربعة وهكذا حتى ينتهي إلى الأول، ولك أن تخرج الواحد من الثلاثة ثم ما بقي من الخمسة ثم ما بقي من السبعة ثم ما بقي من التسعة، وهذا أسهل من الأول ومحصل له، فما بقي