مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
الرهن، فإذا قال: لم يكن إقراري عن حقيقة فله تحليف المقر له أنه قبض الموهوب وإن لم يذكر لاقراره تأويلا. (ولو قال هذه الدار) مثلا التي في يدي (لزيد) لا (بل لعمرو، أو غصبتها من زيد) لا (بل) غصبتها (من عمرو) نزعت من يده و (سلمت لزيد) لأن من أقر بحق لآدمي لا يقبل رجوعه عنه. (والأظهر أن المقر) بعد تسليمها لزيد (يغرم قيمتها لعمر بالاقرار) لأنه حال بينه وبين ملكه بإقراره الأول، والحيلولة سبب الضمان، كما لو غصب عبدا فأبق من يده . والثاني: لا يغرم له، لأن الاقرار الثاني صادف ملك الغير فلا يلزمه به شئ كما لو أقر بالدار التي بيد زيد لعمرو، ولو قال:
غصبتها من زيد وغصبها زيد من عمرو سلمها لزيد لسبق إقراره وغرم لعمرو القيمة لأنه وصل إقراره الثاني بالأول، أولا تسلمها زيد بنفسه أو سلمها له الحاكم للحيلولة بإقراره الأول، والحيلولة توجب الضمان كالاتلاف. ولو عطف ب‍ ثم ففي الوسيط أنه يغرم أيضا. ولو قال: غصبتها من زيد وعمرو سلمت إليهما، أو: غصبتها من زيد وغصبتها من عمرو، فالحكم كذلك أحد وجهين رجحه السبكي. ولو قال: غصبتها من زيد والملك فيها لعمرو سلمت لزيد لأنه اعترف له بالملك، ولا يغرم لعمرو لجواز كونها ملك عمرو وهي في يد زيد بإجارة أو وصية بمنافعها أو نحو ذلك كرهن. ثم شرع في القسم الثالث، وهو بيان الاستثناء، وهو إخراج ما لولاه لدخل فيما قبله ب‍ إلا أو نحوها، وهو من الاثبات نفي ومن النفي إثبات، فقال: (ويصح الاستثناء) في الاقرار وغيره لكثرة وروده في القرآن وغيره، وهو مأخوذ من الثني بفتح الثاء المثلثة وسكون النون وهو الرجوع، ومنه ثنى عنان دابته: إذا رجع، فلما رجع في الاقرار ونحوه عما اقتضاه لفظة سمي استثناء.
واصطلاحا: إخراج لما بعد إلا وأخواتها من حكم ما قبلها في الايجاب وإدخاله في النفي. هذا (إن اتصل) بالمستثنى منه بحيث يعد معه كلاما واحدا عرفا فلا يضر الفصل اليسير بسكتة تنفس أو وعي أو تذكر أو انقطاع صوت كما نص عليه في الام، بخلاف الفصل بسكوت طويل وكلام أجنبي ولو يسيرا. وفي الكافي: لو قال: له علي ألف درهم - الحمد لله - إلا مائة لزمه الألف، ولو قال: ألف درهم أستغفر الله إلا مائة صح الاستثناء، وهذا هو المعتمد خلافا لابن المقري لأن قوله أستغفر الله لاستدراك ما سبق منه. ولا بد أن ينوي الاستثناء قبل فراغ الاقرار كما مرت الإشارة إليه. (ولم يستغرق) أي الاستثناء المستثنى منه، كقوله: له علي خمسة إلا أربعة، فإن استغرقه كقوله: له علي خمسة إلا خمسة فباطل لأنه رفع ما أثبته. ولا يجمع مفرق بالعطف في المستثنى أو المستثنى منه أو فيهما إن حصل بجمعه استغراق أو عدمه، لأن واو العطف وإن اقتضت الجمع لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ الذي يدور عليه الاستثناء، وهذا مخصص لقولهم: إن الاستثناء يرجع إلى جميع المعطوفات لا إلى الأخير فقط، فلو قال: له علي درهمان ودرهم أو درهم ودرهم ودرهم إلا درهما لزمه ثلاثة لأن المستثنى منه إذا لم يجمع مفرقه كان الدرهم الواحد مستثنى من درهم واحد فيستغرق فيلغو. ولو قال: له علي درهم ودرهم ودرهم إلا درهما ودرهما ودرهما لزمه ثلاثة، لأنه إذا لم يجمع مفرق المستثنى والمستثنى منه كان المستثنى درهما من درهم فيلغو، وقس على ذلك. (فلو قال: له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية لزمه تسعة) لأن الاستثناء من الاثبات نفي وعكسه كما مر. والطريق فيه وفي نظائره أن يجمع كل ما هو إثبات وكل ما هو نفي ويسقط المنفي من المثبت فيكون الباقي هو الواجب، فالعشرة والثمانية في هذا المثال مثبتان وهما ثمانية عشرة، والتسعة منفية، فإذا أسقطتها من الثمانية عشر يبقى تسعة، فإن قال مع ذلك: إلا سبعة وهكذا إلى الواحد لزمه خمسة لأن العدد المثبت ثلاثون والمنفي خمسة وعشرون، فإذا أسقطتها بقي خمسة. ولك طريق آخر، وهي أن تخرج المستثنى الأخير مما قبله وما بقي منه يخرج مما قبله، فتخرج الواحد من الاثنين وما بقي تخرجه من الثلاثة وما بقي تخرجه من الأربعة وهكذا حتى ينتهي إلى الأول، ولك أن تخرج الواحد من الثلاثة ثم ما بقي من الخمسة ثم ما بقي من السبعة ثم ما بقي من التسعة، وهذا أسهل من الأول ومحصل له، فما بقي
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429