مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٨
إلا هذه الصورة: أي إذا كان ذلك بعد دخول الوقت والتمكن من الذبح، وإلا فلا ضمان على المعير ولا على المستعير، لأن يد المعير يد أمانة كالمستأجر، نبه على ذلك ابن العماد. (والمستعير من مستأجر إجارة صحيحة (لا يضمن) التالف (في الأصح) لأنه نائبه وهو لا يضمن. والثاني: يضمن كالمستعير من المالك، فإن كانت الإجارة فاسدة ضمنا معا، والقرار على المستعير كما قاله البغوي في فتاويه. فإن قيل: فاسد كل عقد كصحيحه فكان ينبغي هنا عدم الضمان.
أجيب بأن الفاسدة ليست حكم الصحيحة في كل ما يقتضيه، بل في سقوط الضمان بما يتناوله الاذن لا بما اقتضاه حكمها، والمستعير من الموصى له بالمنفعة الموقوفة عليه حيث يجوز له الإعارة كالمستعير من المستأجر. قال البلقيني:
والضابط لذلك أن تكون المنفعة مستحقة لشخص استحقاقا لازما وليست الرقبة له، فإذا أعار لا يضمن المستعير منه، وسيأتي حكم المستعير من الغاصب في بابه. ولو استعار فقيه كتابا موقوفا على المسلمين شرط واقفه أن لا يعار إلا برهن بحرز قيمته فسرق من حرزه لا ضمان، لأنه مستحق تلف في يده بلا تفريط وإن سمي عارية عرفا. قال الماوردي: ولا يجوز أن يؤخذ على العارية رهن ولا ضامن، فإن شرط فيها ذلك بطلت. (ولو تلفت دابته في يد وكيل) له (بعثه في شغله، أو) تلفت (في يد من سلمها إليه ليروضها) أي يعلمها المشي من غير تفريط، (فلا ضمان) على واحد منهما، لأنه لم يأخذها لغرض نفسه بل لغرض المالك. هذا إذا ركبها في الرياضة، فإن ركبها في غيرها فتلفت ضمن، وهكذا لو دفع إليه غلامه ليعلمه حرفة فاستعمله في غيرها. ولو أركب المالك دابته منقطعا في الطريق تقربا لله تعالى فتلفت ضمنها سواء التمس الراكب أم ابتدأه المركب، وإن أردفه فتلفت بغير الركوب فعليه نصف الضمان. ولو وضع متاعه على دابة شخص وقال له: سيرها ففعل فتلفت بغير الوضع ضمنها كسائر العواري، وإن كان عليها متاع لغيره فتلفت بذلك ضمن منها بقسط متاعه لأنه مستعير منها بقسطه مما عليه حتى لو كان عليها مثل متاعه ضمن نصفها، فإن سيرها مالكها بغير أمر الواضع فتلفت لم يضمن الواضع لأنها تحت يد مالكها، بل يضمن المالك متاعه إذ له طرحه عنها. ولو حمل صاحب الدابة متاع شخص بسؤال الشخص فهو معير، أو بسؤاله هو فهو وديع. (وله) أي المستعير (الانتفاع) بالمعار (بحسب الاذن) لرضا المالك به دون غيره. وقضية كلامه أنه لو أعاره دابة ليركبها إلى موضع ولم يتعرض للكروب في الرجوع أنه لا يركبها في الرجوع، لكن في الشرح والروضة: أو أخر الإجارة، عن العبادي: أن له الركوب في الرد، وأقراه، بخلاف الدابة المستأجرة إلى موضع فليس له ركوبها في الرجوع على الأصح. والفرق أن الرد لازم للمستعير فالاذن يتناول ركوبها في العود بالعرف، والمستأجر لا رد عليه، وإن استعار للكروب إلى موضع فجاوزه ضمن أجرة ذهاب مجاوزته عنه ورجوعه إليه تعذيبه. وهل له الرجوع بها إلى مكانها الذي استعارها منه أو لا؟ وجهان: أحدهما لا، لأن الاذن قد انقطع بالمجاوزة فيسلمها إلى حاكم تلك البلد. وثانيهما: نعم، وهو الأوجه، وصححه السبكي وتبعه البلقيني.
كما لا ينعزل الوكيل عن وكالته بتعديه بجامع أن كلا منهما عقد جائز، ولا يلزمه على هذا أجرة الرجوع. ونظير ذلك ما لو سافر بواحدة من نسائه بالقرعة وزاد مقامه في البلد الذي مضى إليه قضى الزائد لبقية نسائه، وفي قضاء الرجوع وجهان: أصحهما الافضاء. ولو أودعه ثوبا مثلا ثم أذن له في لبسه فإن لبسه صار عارية وإلا فهو باق على كونه وديعة. ولو استعار صندوقا فوجد فيه دراهم أو غيرها فهي أمانة عنده، كما لو طرحت الريح ثوبا في داره فإن أتلفها ولو جاهلا بها أو تلفت بتقصيره ضمنها. ثم شرع في الحكم الثاني، وهو تسلط المستعير على الانتفاع المأذون فيه، فقال: (فإن أعاره) أرضا (لزراعة حنطة) مثلا، (زرعها) لاذنه فيها (ومثلها) أو دونها في الضرر، فإن قال: ازرع البر فله زرع الشعير والباقلاء ونحوهما كالجلبان (1) والحمص لأن ضررها في الأرض فوق ضرر ما ذكر، وليس له أن يزرع ما فوقه كالذرة والقطن والأرز.
هذا (إن لم ينهه) عن غيرها فإن نهاه عنه لم يكن له زرعه تبعا لنهيه، كما لو قال: (اشتر بمائة ولا تشتر بخمسين)، ولو عين
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429