مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٣
يريد: فدرهم لازم لي أو أجود منه، ومثله لا ينقدح في الطلاق، وبأن الانشاء أقوى وأسرع نفوذا، ولهذا يتعدد اللفظ به في يومين بخلاف الاقرار. واعترض الرافعي الفرق الأول بأنه قد يريد: فطالق مهجورة أو لا تراجع أو خير منك أو نحوه.
وأجيب بأن ذلك صرف للصريح عن مقتضاه. أما إذا أراد بالفاء العطف فيلزمه درهمان كما في العطف بالواو. ومثل الطلاق الثمن، فلو قال: بعتك بدرهم فدرهم فقبل لزمه درهمان لأنه إنشاء لا إخبار. (ولو قال: له) علي (درهم ودرهم ودرهم لزمه بالأولين درهمان) لاقتضاء العطف التغاير كما مر، (وأما الثالث، فإن أراد) به (تأكيد الثاني) بعاطفه (لم يجب به شئ) عملا بنيته، (وإن نوى) به (الاستئناف لزمه ثالث) عملا بإرادته، (وكذا إن نوى) به (تأكيد الأول أو أطلق) بأن لم ينو به شيئا (في الأصح) لأن التأكيد في الأول ممنوع للفصل والعطف، ولهذا اتفقوا على لزوم درهمين في قوله: درهم ودرهم، ومقابل الأصح فيها يلزمه درهمان، لأن الثاني في قوله: درهم ودرهم معطوف على الأول فامتنع تأكيده، وهنا الثالث معطوف على الثاني على رأي فأمكن أن يؤكد الأول به. وأما الثانية فلان تأكيد الثاني بالثالث وإن كان جائزا ، لكنه إذا دار اللفظ بين التأسيس والتأكيد كان حمله على التأسيس أولى، فعلى هذا لو كرر ألف مرة فأكثر لزمه بعدد ما كرر. ومقابل الأصح فيها يلزمه درهمان، لأنه وإن كان الأصل التأسيس لكن عارضه كون الأصل براءة الذمة فتعارضا فتساقطا، فلم يبق للثالث مقتض فاقتصرنا على الدرهمين.
تنبيه: لو عبر في الثانية بالمذهب كما في الروضة لكان أولى فإن الأكثرين قطعوا بها، وقيل: قولان كنظيره من الطلاق.
وفرق الأولون بأن التأكيد في الطلاق أكثر لأنه يقصد به التخويف والتهديد، والعطف ب‍ ثم كالواو فيما ذكر، لكن لو عطف ب‍ ثم في الثالث، كقوله: درهم ودرهم ثم درهم لزمه ثلاثة بكل حال، إذ لا بد من اتفاق حرف العطف في المؤكد والمؤكد.
فروع: لو قال: له علي درهم بل درهم أو: لا بل أو: لكن درهم لزمه درهم، لأنه ربما قصد الاستدراك فتذكر أنه لا حاجة إليه فقصد الأول. وإن قال: له علي درهم بل درهمان أو: لا بل أو: لكن درهمان لزمه درهمان لتعذر نفي ما قيل بل أو لكن لاشتمال ما بعدها عليه. فإن قيل: لو قال أنت طالق طلقه بل طلقتين لزمه ثلاث، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الطلاق إنشاء، فإذا أنشأ طلقة ثم أضرب عنها إلى إنشاء طلقتين لا يمكن إنشاء إعادة الأولى مع الثانية، لأن تحصيل الحاصل محال والاقرار إخبار، فإذا أخبر بالبعض ثم أضرب عن الاخبار به إلى الاخبار بالكل جاز دخول البعض في الكل. هذا إذا لم يعين الدرهمين ولم يختلف الجنس، فإن عينهما أو اختلف الجنس كقوله: له هذا الدرهم بل هذان الدرهمان أو هل علي درهم لا بل دينار لزمه ثلاثة دراهم في الأول ودرهم ودينار في الثاني لعدم دخول ما قبل بل فيما بعدها، ولا يقبل رجوعه عنه، وكاختلاف الجنس اختلاف النوع والصفة. ولو قال: له علي درهمان بل درهم أو: لا بل درهم أو: درهم ودرهم بل درهم لزمه درهمان مؤاخذة له بإقراره الأول. ولو قال: له علي درهم ودرهمان لزمه ثلاثة دراهم، ولو قال: له علي درهم مع درهم أو: فوق أو تحت درهم أو: معه أو فوقه أو تحته درهم لزمه درهم فقط لأنه ربما يريد: مع أو فوق أو تحت درهم لي، أو: معه أو فوقه أو تحته درهم لي، أو يريد: فوقه في الجودة وتحته في الرداءة ومعه في أحدهما. ويلزمه درهمان فيما لو قال: له علي درهم قبل أو بعد درهم أو قبله أو بعده درهم لاقتضاء القبلية والبعدية المغايرة وتعذر التأكيد. وفرقوا بين الفوقية والتحتية وبين القبلية والبعدية بأنهما يرجعان إلى المكان فيتصف بهما نفس الدرهم، والقبلية والبعدية يرجعان إلى الزمان ولا يتصف بهما نفس الدرهم، فلا بد من أمر يرجع إليه التقدم والتأخر، وليس إلا الوجوب عليه. وهنا اعتراض للرافعي ذكرته في الجواب عنه في شرح
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429