مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٠
يقبل. والثاني: يبطل فيهما، لأنا حكمنا به حين لم يكن أهلا للانكار، وقد صار، والأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما.
فإن قيل: ما ذكر في المجنون يخالفه ما لو قال مجنون: هذا أبي حيث لا يثبت نسبه حتى يفيق ويصدق، وقد قال الروياني:
ما أدري ما الفرق بينهما إلا أن يقال الابن بعد الجنون يعود إلى ما كان عليه في صباه بخلاف الأب. أجيب بأن أصل هذا للماوردي، ورأيه أن المجنون البالغ لا يصح استلحاقه إلا إن أفاق وصدق، ولا يشكل باستلحاق الميت لليأس من عوده، وهذا رأي مرجوح فإذا لا فرق بين هذا أبي وهذا ابني كما أفاده شيخي. (ويصح أن يستلحق ميتا صغيرا) ولو بعد أن قتله ولا يبالي بتهمة الميراث ولا بتهمة سقوط القود، لأن النسب يحتاط فيه، ولهذا لو نفاه في الحياة أو بعد الموت ثم استلحقه بعد موته لحقه وورثه. (وكذا كبير) ميت يصح استلحاقه (في الأصح) لأن الميت ليس أهل للتصديق فصح استلحاقه كالمجنون والصغير. والثاني: لا يصح لفوات التصديق، وهو شرط، لأن تأخير الاستلحاق إلى الموت يشعر بإنكاره لو وقع في حياته. ويجري الوجهان فيمن جن بعد بلوغه عاقلا ولم يمت لأنه سبق له حالة يعتبر فيها تصديقه، وليس الآن من أهل التصديق. (و) على الأول (يرثه) أي الميت المستلحق. ولا نظر إلى التهمة لأن الإرث فرع النسب وقد ثبت نسبه. ومسألة الإرث مزيدة على المحرر والروضة.
فائدة: لو نفي الذمي ولده، أي الصغير أو المجنون، ثم أسلم لا يحكم بإسلام الولد، لأنا حكمنا بأن لا نسب بينهما فلا يتبعه في الاسلام، فلو مات هذا الولد وصرفنا ميراثه لأقاربه الكفار ثم استلحقه النافي حكم بالنسب، وتبين أنه صار مسلما بإسلامه تبعا، ويسترد ميراثه من ورثته الكفار وتصرف له. (ولو استلحق اثنان) فأكثر (بالغا ثبت لمن صدقه) منهما أو منهم أو لاجتماع الشرائط فيه دون الآخر، فإن صدقهما أو لم يصدق واحد منهما عرض على القائف كما سيأتي إن شاء الله تعالى قبيل باب العتق. (وحكم الصغير) إذا استلحقه اثنان فأكثر، (يأتي في) كتاب (اللقيط إن شاء الله تعالى) ويأتي فيه أيضا حكم استلحاق العبد والمرأة. (ولو قال لولد أمته) غير المزوجة والمستفرشة له: (هذا ولدي ثبت نسبه) عند اجتماع شروطه. ولا بد في تتمة التصوير أن يقول: منها كما في التنبيه، كذا قاله في الروضة. ولعله لأجل الخلاف في قوله: (ولا يثبت الاستيلاد في الأظهر) وإلا فلا يحتاج إليه لثبوت النسب، وإنما لم يثبت الاستيلاد لاحتمال أنه أولدها بنكاح أو شبهة ثم ملكها. قال الرافعي: وهذا أشبه بقاعدة الاقرار وهو البناء على اليقين. والثاني وصححه جمع: يثبت حملا على أنه أولدها بالملك، والأصل عدم النكاح. (وكذا) لا يثبت الاستيلاد في الأظهر (لو قال) هذا (ولدي ولدته في ملكي) لاحتمال أن يكون قد أحبلها قبل الملك بما مر ثم اشتراها حاملا فولدت في ملكه. (فإن قال: علقت به في ملكي) أو: هذا ولدي استولدتها به في ملكي أو: هذا ولدي منها وملكي عليها مستمر من عشر سنين مثلا وكان الولد ابن نحو سنة، (ثبت الاستيلاد) لانتفاء الاحتمال كما قاله الرافعي وتبعه المصنف. فإن قيل: يحتمل أنها كانت مرهونة ثم أولدها وهو معسر فبيعت في الدين ثم اشتراها وقلنا بأنها لا تصير مستولدة على رأي.
أجيب بأن هذا احتمال بعيد لا يعول عليه، ولكن لو كان مكاتبا قبل إقراره فلا يثبت الاستيلاد حتى ينفي احتمال أنه أحبلها زمن كتابته، لأن إحبال المكاتب لا يثبت أمية الولد كما سيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكتاب. ولو قال: يد فلان ابني أو أخي أو يد في هذه الأمة مستولدتي ليس إقرارا بالنسب ولا بالاستيلاد، إذا جعلنا نظيره في الطلاق إنه يقع على الجزء ثم يسري، وهذا هو الراجح، وإن جعلناه عبارة عن الجملة على رأي مرجوح كان إقرارا بالنسب والاستيلاد، ذكره الرافعي في كتاب الطلاق عن التتمة. (فإن كانت فراشا له لحقه) الولد عند الامكان (بالفراش)
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429