مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
مؤنة. ويشترط في البناء للمحجور عليه كما قال ابن الصباغ أن يساوي كلفته، وقيل: هذا قل أن يوجد. قال بعضهم:
وهذا في التحقيق منع للبناء. وقوله: ويبني دوره قد يفهم أنه لا يبتدئ له بناء العقار وليس مرادا. وقال بعض فقهاء اليمن: إنما يبنيه إذا لم يكن الشراء أحظ. قال ابن الملقن: وهو فقه ظاهر. ولا يشتري له ما يسرع فساده وإن كان مربحا، قاله الماوردي. ولا (يبيع عقاره) لأن العقار أسلم وأنفع مما عداه، (إلا لحاجة) كنفقة وكسوة بأن لم تف غلة العقار بهما ولم يجد من يقرضه، أو لم ير المصلحة في الاقتراض، أو خاف خرابه. قال في البحر: وكذا لو كان اليتيم ببلد وعقاره في آخر ويحتاج إلى مؤنة في توجيه من يجمع الغلة فيبيعه ويشتري ببلد اليتيم، أو يبني فيه مثله. قال الأسنوي: ويظهر أيضا جواز بيعه بثمن مثله دفعا لرجوع الواهب إذا كان أصلا له. (أو غبطة ظاهرة) كأن يرغب فيه شريك أو جار بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن أو خيرا منه بكله، أو يكون ثقيل الخراج: أي المغارم مع قلة بيعه.
تنبيه: قوله: ظاهرة من زيادة المنهاج على بقية كتب الشيخين. قال الامام: وضابط تلك الزيادة أن لا يستهين بها العقلاء بالنسبة إلى شراء العقار، وكالعقار فيما ذكر آنية القنية من نحاس وغيره كما نقله ابن الرفعة عن البندنيجي.
قال: وما عداهما لا يباع أيضا إلا لغبطة أو حاجة، لكن يجوز لحاجة يسيرة وربح قليل لائق بخلافهما. وينبغي كما قال ابن الملقن أنه يجوز بيع أموال التجارة من غير تقييد بشئ، بل لو رأى البيع بأقل من رأس المال ليشتري بالثمن ما هو مظنة للربح جاز كما قاله بعض المتأخرين، ولو طلب ماله بأكثر من ثمن مثله وجب بيعه إن لم يحتج إليه ولم يكن عقارا يحصل له منه كفايته. قال الروياني: ولو ترك الولي عمارة عقار محجوزة حتى خرب مع القدرة أثم، وهل يضمن كما في ترك علف الدابة أو لا كما في ترك التلقيح؟ وجهان جاريان فيما لو ترك إيجاره مع القدرة، أوجههما كما قال شيخنا عدم الضمان فيهما، ويفارق ترك العلف بأن فيه إتلاف روح بخلاف ما هنا. قال القفال: ويضمن ورق الفرصاد إذا تركه حتى مات أو تلف، وكأنه قاسه على سائر الأطعمة. ولو امتنع من بيع ماله لتوقع زيادة فتلف المال فلا ضمان.
قال العبادي: ولو أجر بياض أرض بستانه بأجرة وافية بمقدار منفعة الأرض وقيمة الثمر ثم ساقى على شجره على سهم من ألف سهم لليتيم والباقي للمستأجر كما جرت به العادة، قال ابن الصلاح في فتاويه: الظاهر صحة المساقاة، قال الأسنوي:
وهي مسألة نفيسة. ولا يجوز لغير القاضي من الأولياء أن يقرض من مال الصبي والمجنون شيئا إلا لضرورة كحريق أو نهب، أو أن يزيد سفرا يخاف عليه فيه. أما القاضي فله ذلك مطلقا لكثرة أشغاله، ولا يقرضه إلا لملئ أمين ويأخذ رهنا إن رأى في ذلك مصلحة وإلا تركه، ولا يودعه أمينا إلا عند عدم التمكن من إقراضه. (وله بيع ماله بعرض ونسيئة للمصلحة) التي يراها فيهما، كأن يكون في الأول ربح وفي الثاني زيادة لائقة، أو خاف عليه من نهب أو إغارة.
(وإذا باع نسيئة أشهد) على البيع وجوبا، (وارتهن به) أي بالثمن رهنا وافيا به، ويشترط أن يكون المشتري موسرا ثقة والأجل قصيرا عرفا احتياطا للمحجور عليه، فإن لم يفعل ذلك ضمن. قال السبكي: وبطل البيع على الأصح.
قال: وقال الامام: الأصح أنه لا يبطل إذا كان المشتري مليئا اه‍. والأوجه كلام السبكي، ولا يجزئ فيه الكفيل عن الارتهان. نعم لا يلزم الأب والجد الارتهان من نفسهما له والدين عليهما بأن باعا ماله لأنفسهما نسيئة لأنهما أمينان في حقه، ويحكم القاضي بصحة بيعهما مال ولدهما إذا رفعاه إليه وإن لم يثبتا أن بيعهما وقع بالمصلحة لأنهما غير متهمين في حق ولدهما وفي وجوب إقامتهما البينة بالعدالة ليسجل لهما وجهان أحدهما الاكتفاء بالعدالة الظاهرة كشهود النكاح.
والثاني: نعم كما يجب إثبات عدالة الشهود ليحكم. وينبغي كما قال ابن العماد أن يكون هذا هو الأصح بخلاف ما مر، لأن ذاك في جواز ترك الحكم لهما على الولاية، وهذا فيما إذا طلبا منه أن يسجل لهما، بخلاف الوصي والأمين فإنه يجب إقامتهما البينة بالمصلحة وبعد التهمة. ويقبل قول المحجور عليه بعد الكمال أنهما باعا ماله ولو غير عقار بلا مصلحة، فيلزمهما
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429