مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٤
والحاكم وصححه. ولو كان اليتيم ببلد وماله في آخر فالولي قاضي بلد المال لأن الولاية عليه ترتبط بما له كمال الغائبين، لكن محله في تصرفه فيه بالحفظ والتعهد بما يقتضيه الحال مع الغبطة اللائقة إذا أشرف على التلف. أما تصرفه فيه بالتجارة والاستنماء فالولاية عليه لقاضي بلد اليمين لأنه وليه في النكاح فكذا في المال كما نقله في أصل الروضة عن الغزالي وأقره. قال شيخنا: ووقع للأسنوي عزو ما يخالف ذلك إلى الروضة وأصلها فاحذره. قال الأذرعي: وعلى ما في أصل الروضة فلقاضي بلده العدل الأمين أن يطلب من قاضي بلد ماله إحضاره إليه عند أمن الطريق لظهور المصلحة له فيه، وليتجر له فيه ثم، أو يشتري له به عقارا، ويجب على قاضي بلد المال إسعافه بذلك. وحكم المجنون حكم الصبي في ترتيب الأولياء، وكذا من بلغ سفيها.
تنبيه: قضية تعبيره بالصبي أنه لا ولاية للمذكورين على مال الأجنة، وصرحا به في الفرائض في الكلام على ميراث الحمل لكن بالنسبة إلى الحاكم فقط، ومثله البقية. قال الجرجاني: وإذا لم يوجد أحد من الأولياء المذكورين فعلى المسلمين النظر في حال محجورهم وتولي حفظ ماله (ولا تلي الام في الأصح) كولاية النكاح. والثاني: تلي بعد الأب والجد وتقدم على وصيهما لكمال شفقتها. وكذا لا ولاية لسائر العصبات كالأخ والعم. نعم لهم الانفاق من مال الطفل في تأديبه وتعليمه وإن لم يكن لهم عليه ولاية لأنه قليل فسومح به، قاله في المجموع في إحرام الولي عن الصبي. قال شيخنا: ومثله المجنون والسفيه اه‍. أما السفيه فواضح، وأما المجنون ففيه نظر. نعم إن حمل على من له نوع تمييز فهو ظاهر ولعله مراده. (ويتصرف) له (الولي بالمصلحة) وجوبا، لقوله تعالى: * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) * وقوله تعالى: * (وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح) *. وقضية كلامه كأصله أن التصرف الذي لا خير فيه ولا شر ممنوع منه، إذ لا مصلحة فيه، وهو كذلك كما صرح به الشيخ أبو محمد والماوردي. ويجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف واستنماؤه قدر ما تأكله المؤن من نفقة وغيرها إن أمكن، ولا تلزمه المبالغة. ولو خاف الولي استيلاء ظالم على مال اليتيم فله بذل بعضه لتخليصه وجوبا، ويستأنس له بخرق السيد الخضر السفينة. وإذا كان للصبي أو السفيه كسب، أي يليق به، أجبره الولي على الاكتساب ليرتفق به في ذلك، وندب أن يشتري له العقار بل هو أولى من التجارة إذا حصل من ريعه الكفاية كما قاله الماوردي، هذا إن لم يخف جورا من سلطان أو غيره، أو خرابا للعقار ولم يجد به ثقل خراج. وله أن يسافر بمال الصبي والمجنون وقت الامن، والتسفير به مع ثقة ولو بلا ضرورة من نحو حريق أو نهب لأن المصلحة قد تقتضي ذلك لا في نحو بحر وإن غلبت السلامة لأنه مظنة عدمها. قال الأسنوي:
ولا يركب بالصبي البحر وإن غلبت سلامته كماله. وفرق غيره بأنه إنما حرم ذلك في ماله لمنافاته غرض ولايته عليه في حفظه وتنميته بخلافه هو فيجوز أن يركبه البحر إذا غلبت السلامة، كما يجوز إركاب نفسه، والفرق أظهر، والصواب كما قال الأذرعي عدم تحريم إركاب البهائم والأرقاء والحامل عند غلبة السلامة، خلافا للأسنوي في الجميع. (ويبني دوره) ومساكنه (بالطين والآجر) أي الطوب المحرق، لأن الطين قليل المؤنة وينتفع به بعد النقض والآجر يبقى. (لا اللبن) أي الطوب الذي لم يحرق، (والجص) أي الجبس، لأن اللبن قليل البقاء ويتكسر عند النقض والجبس كثير المؤن ولا تبقى منفعته عند النقض بل يلصق بالطوب فيفسده.
تنبيه: قوله: والجص بالواو هي عبارة المحرر والروضة والشرح الصغير، وعبارة الكبيرة: أو الجص بأو، وهي أولى لأنها تدل على الامتناع في اللبن سواء أكان مع الطين أم الجص، وعلى الامتناع في الجص سواء أكان مع اللبن أم الآجر، وهو كذلك. ويفهم المنع فيما عداهما. والمجنون والسفيه كالصبي فيما ذكر. وما ذكره من اقتصار البناء بالطين والآجر نص عليه الشافعي وجرى عليه الجمهور. واختار كثير من الأصحاب جواز البناء على عادة البلد كيف كان، واختاره الروياني واستحسنه الشاشي، والقلب إليه أميل. وفي البيان بعدما نقل ما ذكره المصنف عن النص: وهذا في البلاد التي يعز فيها وجود الحجارة، فإن كان في بلد توجد فيه الحجارة كانت أولى من الآجر لأنها أكثر بقاء وأقل
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429