مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٨
عند الاختلاف وفساده بالغرر والشرط الفاسد والجهل، لأن حد البيع يصدق على ذلك. أما إذا صالح على دين فإنه إن كان ذهبا أو فضة فهو بيع أيضا، وإن كان عبدا أو ثوبا مثلا موصوفا بصفة السلم فهو سلم، وسكت الشيخان عن ذلك لظهوره.
ولو أبدل المصنف عين ب‍ غير لدخل ذلك، لكن لا ينعقد السلم بلفظ البيع كما تقدم في بابه. (أو) جرى الصلح من العين المدعاة (على منفعة) لغير العين المدعاة كخدمة عبد مدة معلومة، (فإجارة تثبت أحكامها) أي الإجارة في ذلك لأن حد الإجارة يصدق على ذلك. أما إذا صالح على منفعة العين المدعاة فإنها إعارة تثبت أحكامها، فإن عين مدة فإعارة مؤقتة وإلا فمطلقة. (أو) جرى الصلح (على بعض العين المدعاة) كربعها، (فهبة لبعضها) الباقي (لصاحب اليد) عليها، فتثبت (أحكامها) أي الهبة المقررة في بابها من اشتراط القبول وغيره لصدق حدها على ذلك، فتصح في البعض المتروك بلفظ الهبة والتمليك ونحوهما. (ولا يصح بلفظ البيع) له لعدم الثمن، (والأصح صحته بلفظ الصلح) ك‍ صالحتك من الدار على ربعها لأن الخاصية التي يفتقر إليها لفظ الصلح هي سبق الخصومة وقد حصلت. والثاني: لا يصح، لأن لفظ الصلح يتضمن المعاوضة ولا عوض هناك للمتروك، ومحال أن يقابل الانسان ملكه بملكه. وحمله الأول على الهبة تنزيلا لهذا اللفظ في كل موضع على ما يليق به كلفظ التمليك، ويسمى هذا صلح الحطيطة. (ولو قال من غير سبق خصومة صالحني عن دارك) مثلا (بكذا) فأجابه، (فالأصح بطلانه) لأن لفظ الصلح يستدعي سبق الخصومة، سواء أكانت عند حاكم أم لا. والثاني: يصح، لأنه معاوضة فلم يشترط فيه ذلك قياسا على البيع. ومحل الخلاف عند عدم النية، فأما إذا استعملاه ونويا البيع فإنه يكون كتابة بلا شك كما قال الشيخان وإن رده في المطلب. (ولو صالح من دين) يجوز الاعتياض عنه (على) غيره (عين) أو دين، قال الأسنوي: أو منفعة، (صح) لعموم الأدلة، سواء أعقد بلفظ البيع أو الصلح أو الإجارة، أما ما لا يصح الاعتياض عنه كدين السلم فإنه لا يصح.
تنبيه: قوله: على عين وقع في نسخة المصنف تبعا للمحرر، ولو عبر ب‍ غير كما قدرته في كلامه لكان أولى، لأن لفظه عين تنافي كما قال الفزاري تفصيله الآتي بقوله: فإن كان العوض عينا إلى قوله: أو دينا. وقال السبكي: إنه يوجد في بعض نسخ المحرر: على عوض وهو الصواب لتقسيمه إياه بعد إلى عين ودين اه‍. وأجاب الشارح عن هذا كما سيأتي التنبيه عليه. (فإن توافقا) أي الدين المصالح عنه والعوض المصالح عليه (في علة الربا) كالصلح عن فضة بذهب، (اشترط قبض العوض في المجلس) حذرا من الربا، فإن تفرقا قبل قبضه بطل الصلح. ولا يشترط تعيينه في العقد على الأصح، (وإلا) قال الشارح: أي وإن لم يتوافق المصالح منه الدين والمصالح عليه في علة الربا فجعله منقطعا عن الأول، ومثله بقوله: كالصلح عن فضة بحنطة أو ثوب. (فإن كان العوض عينا لم يشترط قبضه في المجلس في الأصح) كما لو باع ثوبا بدراهم في الذمة لا يشترط قبض للثوب في المجلس. والثاني: يشترط، لأن أحد العوضين دين فيشترط قبض الآخر في المجلس كرأس مال السلم. (أو) كان العوض (دينا) كصالحتك عن دراهمي التي عليك بكذا، (اشترط تعيينه في المجلس) ليخرج عن بيع الدين بالدين. (وفي قبضه) في المجلس (الوجهان) أصحهما لا يشترط، وإن كان ربويين اشترط لما سبق الاستبدال عن الثمن. ولو أحال المصنف عليه لاستغنى عن هذا التفصيل. وإن كان العوض منفعة قبضها بقبض محلها فيه. قال الأسنوي: ويتجه تخريج اشتراطه على الخلاف فيما إذا لو صالح على عين. (وإن صالح من دين على بعضه) كربعه، (فهو إبراء عن باقيه) لأنه معناه فتثبت فيه أحكامه. وعلم من كلامه أن الصلح عن الدين
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429