مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
عليه المصنف، والمعتمد الأول. وأما قول الإمام كالحكم بالاتضاح به، ففرق ابن الرفعة بين الحكم بالبلوغ بذلك وبين الحكم بالذكورة والأنوثة بأن احتمال ذكورته مساو لاحتمال أنوثته، فإذا ظهرت صورة مني به أو حيض في وقت إمكانه غلب على الظن الذكورة أو الأنوثة فتعين العمل به مع أنه لا غاية بعده محققة تنتظر، ولا يحكم بالبلوغ لأن الأصل الصبا فلا نبطله بما يجوز أن يظهر بعده ما يقدح في ترتب الحكم عليه مع أن لنا غاية تنتظر، وهي استكمال خمس عشرة سنة. وأما قوله: ثم يغير إن ظهر خلافه، فقال الأذرعي: تغيير الحكم فيما يمكن من الأقوال والافعال التي تبقى معها الحياة ظاهر، لكن إذا حكمنا ببلوغه رتبنا عليه أثره من القتل بقود وردة وغيرهما مع بقاء الشك في البلوغ، وفيه بعد اه‍. وقال المتولي: إن وقع ذلك مرة لم يحكم ببلوغه، وإن تكرر حكمنا به. قال المصنف: وهو حسن غريب. قال الأسنوي: الاستدلال بالحيض على الأنوثة وبالمني عليها أو على الذكورة شرطه التكرار، والامام والرافعي استندا في تصويب الاخذ بأحد الامرين إلى القياس على الاخذ بالذكورة أو الأنوثة، فعلم أن صورة ذلك في التكرار أيضا اه‍.
فعلم من ذلك أن كلام الامام موافق لكلام المتولي. فإن قيل: لا منافاة بين الحيض وخروج المني من الذكر لما مر أنه يجب الغسل بخروج المني من غير طريقه المعتاد؟ أجيب بأن محل ذلك مع انسداد الأصل، وهو منتف هنا. (والرشد صلاح الدين والمال) جميعا كما فسر به ابن عباس وغيره قوله تعالى: * (فإن آنستم منهم رشدا) *. وفي وجه أنه صلاح المال فقط. فإن قيل: الرشد الواقع في الآية نكرة، وهو في سياق الاثبات فلا يعم، لذلك مال ابن عبد السلام إلى هذا الوجه. أجيب بأن النكرة الواقعة في سياق الشرط تعم كما صرح به إمام الحرمين. وشملت عبارة المصنف الكافر فيعتبر فيه ما هو صلاح عندهم في الدين والمال كما نقله في زيادة الروضة عن القاضي أبي الطيب وغيره وأقره. ثم بين صلاح الدين بقوله: (فلا يفعل محرما يبطل العدالة) من كبيرة أو إصرار على صغيرة ولم تغلب طاعاته على معاصيه. واحترز بالمحرم عما يمنع قبول الشهادة لاخلاله بالمروءة، كالأكل في السوق فإنه لا يمنع الرشد لأن الاخلال المختلف فيه بالمروءة، ليس بحرام على المشهور. وحكى بعضهم في ذلك ثلاثة أوجه: ثالثها إن كان تحمل شهادة حرم عليه وإلا فلا. ولو شرب النبيذ المختلف فيه فعن التجريد والاستذكار إن كان يعتقد حله لم يؤثر أو تحريمه فوجهان. وينبغي أنه يؤثر. وإصلاح المال بقوله: (ولا يبذر بأن يضيع المال باحتمال غبن فاحش في المعاملة) ونحوها، وهو ما لا يحتمل غالبا كما سيأتي في الوكالة، بخلاف اليسير:
كبيع ما يساوي عشرة بتسعة، وهذا كما قال شيخي إذا كان جاهلا بالمعاملة، أما إذا كان عالما وأعطى أكثر من ثمنها فإن الزائد صدقة خفية محمودة. (أو رميه) أي المال وإن قل، (في بحر) أو نار أو نحو ذلك. (أو إنفاقه في محرم) ولو صغيرة لما فيه من قلة الدين.
تنبيه: التبذير: الجهل بمواقع الحقوق، والسرف: الجهل بمواقع الحقوق، قاله الماوردي في آداب الدين والدنيا، وكلام الغزالي يقتضي ترادفهما. ولو عبر المصنف بالإضاعة أو الغرامة كان أولى من التعبير بالانفاق لأنه يقال فيما أخرج في ا لطاعة، ويقال في المكروه والمحرم: ضيع وخسر وغرم كما مرت الإشارة إلى ذلك في خطبة الكتاب. (والأصح أن صرفه) أي المال وإن كثر (في الصدقة، و) باقي (وجوه الخير) كالعتق (والمطاعم والملابس التي لا تليق بحاله ليس بتبذير) أما في الأولى فلان له في الصرف الخير عوضا وهو الثواب، فإنه لا سرف في الخير كما لا خير في السرف.
وحقيقة السرف ما لا يكسب حمدا في العاجل ولا أجرا في الآجل، ومقابل الأصح فيها يكون مبذرا إن بلغ مفرطا في الانفاق، فإن عرض له ذلك بعد البلوغ مقتصدا فلا، وأما في الثانية فلان المال يتخذ لينتفع به ويلتذ، ومقابل الأصح فيها يكون تبذيرا عادة.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429