طول المدة أقرب. (وقيل: إن لم يضر) ذلك المار، (جاز) كإشراع الجناح. وفرق الأول بما مر. وقضية كلامهم منع إحداث دكة وإن كانت بفناء داره، وهو الظاهر كما جزم به ابن الرفعة، وإن قال السبكي بجوازه عند انتفاء الضرر.
ولا يضر عجن الطين في الطريق إذا بقي مقدار المرور للناس كما قاله العبادي. ومثله إلقاء الحجارة فيه للعمارة إذا تركت بقدر مدة نقلها أو ربط الدواب فيه بقدر حاجة النزول والركوب. وأما ما يفعل الآن من ربط دواب العلافين في الشوارع للكراء فهذا لا يجوز، ويجب على ولي الأمر منعهم، وقد أفتيت بذلك مرارا لما في ذلك من الضرر. ولو رفع التراب من الشارع وضرب منه اللبن وغيره وباعه صح مع الكراهة كما في فتاوى القاضي. (و) الطريق (غير النافذ يحرم الاشراع) للجناح (إليه لغير أهله) بلا خلاف، وإن لم يضر بغير رضاهم لأنه ملكهم فأشبه الاشراع إلى الدور. (وكذا) يحرم الاشراع (لبعض أهله في الأصح) كسائر الاملاك المشتركة تضرروا بذلك أم لا، (إلا برضا الباقين) فيجوز ضر أم لا. والثاني:
يجوز بغير رضاهم إن لم يضر، لأن كل واحد منهم يجوز له الانتفاع بقراره فيجوز بهوائه كالشارع. وعلى الوجهين يحرم الصلح على إشراعه بمال لما مر. ويعتبر إذن المكتري كما أفتى به البغوي، ويقاس به الموصى له بالمنفعة. ولو رضي بعضهم ببعض بذلك امتنع عليهم الركوع كما صرح به الماوردي، لأنه لا سبيل إلى قلعه مجانا لوضعه بحق، ولا إلى قلعه مع غرم الأرش لأنه شريك وهو لا يكلف ذلك، ولا إلى إبقائه بأجرة، لأن الهواء لا أجرة له كما مر. وقضية ذلك أن الاخراج لو كان فيما لا حق للمخرج فيه بأن كان باب داره وصدر السكة كان لمن رضي الرجوع ليقلع ويغرم أرش النقص، وهو ظاهر.
تنبيه: لو قال المصنف إلا برضا المستحقين لكان أولى لوجهين: أحدهما ليعود الاستثناء إلى المسألة الأولى أيضا، وهي ما إذا كان المشرع من غير أهله فإنه لا يصح التعبير فيها بالباقين. الثاني: لئلا يتوهم اعتبار إذن من بابه أقرب إلى رأس السكة لمن بابه أبعد، وهو وجه، والأصح خلافه بناء على استحقاق كل إلى بابه لا إلى آخر الدرب كما يعلم من قوله الآتي. (وأهله) أي الدرب غير النافذ، (من نفذ باب داره إليه، لا من لاصقه جداره) من غير نفوذ بابه فيه، لأن أولئك هم المستحقون للانتفاع فهم الملاك دون غيرهم.
تنبيه: لو قال: من له المرور فيه إلى ملكه لكان أولى ليشمل ما لو كان له فيه فرن أو حانوت أو نحو ذلك. (وهل الاستحقاق في كلها) أي الطريق المذكورة، وهي تذكر وتؤنث، (لكلهم) لأنهم ربما احتاجوا إلى التردد والارتفاق بكله لطرح القمامات عند الادخال والاخراج. (أم تختص شركة كل واحد بما بين رأس الدرب) وهو عربي، وقيل معرب. (وباب داره؟ وجهان: أصحهما الثاني) لأن ذلك القدر هو محل تردده، ومروره وما عداه هو فيه كالأجنبي من السكة، ولأهل الدرب المذكور قسمة صحته كسائر المشتركات القابلة للقسمة، ولو أراد الأسفلون لا الأعلون سد ما بينهم أو قسمته جاز، بخلاف الأعلين، ولو اتفقوا على سد رأس السكة لم يمنعوا منه ولم يفتحه بعضهم بغير رضا الباقين. نعم إن سده بآلة نفسه خاصة فله فتحه بغير رضاهم، ولو امتنع بعضهم من سده لم يكن للباقين ذلك. ولو وقف بعضهم داره مسجدا أو وجد ثم مسجد شاركهم المسلمون في المرور إليه فيمنعون من السد والقسمة. ولا يجوز الاشراع عند الضرر وإن رضي أهل السكة لحق سائر المسلمين، ويجوز الاشراع الذي لا يضر وإن لم يرض أهله، ومحله إذا لم يكن المسجد حادثا وإلا فإن رضي به أهل الدرب فكذلك وإلا فلهم المنع من الاشراع، إذ ليس لأحد الشركاء إبطال حق البقية من ذلك. وكالمسجد فيما ذكر ما سبل ووقف على جهة عامة، كبئر ومدرسة ورباط، نبه على ذلك الزركشي.
تنبيه: كان ينبغي له أن يقول: في كله كما في غيره مما قدمه، لأنه عائد إلى غير النافذ وهو مذكر، واستغنى عما