مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
وعلى الثاني وجهان: أحدهما كذلك، والثاني: الحاكم فقط. ونسب الجوري الأول إلى عامة الأصحاب، والثاني إلى ابن سريج. ويختبر المرأة النساء والمحارم كما نقله ابن كج عن نص المختصر والبويط. (فعلى الأول الأصح) بالرفع، (أنه لا يصح عقده) لما مر من بطلان تصرفه، (بل) يسلم إليه المال و (يمتحن في المماكسة، فإذا أراد العقد عقد الولي) لما تقرر من بطلان تصرفه. والثاني: يصح عقده للحاجة. وعلى الوجهين لو تلف المال في يد الممتحن لم يضمنه الولي لأنه مأمور بالتسليم إليه. وينبغي أن يختبر السفيه أيضا، فإذا ظهر رشده عقد لأنه مكلف. (فلو بلغ غير رشيد) لاختلال صلاح الدين أو المال، (دام الحجر) عليه لمفهوم الآية السابقة، فيتصرف في ماله من كان يتصرف فيه قبل بلوغه. وقوله: دام الحجر، أي الجنس لا حجر الصبا لانقطاعه بالبلوغ كما مر ويخلفه غيره. (وإن بلغ رشيدا انفك) الحجر عنه (بنفس البلوغ) أو غير رشيد ثم رشد فبنفس الرشد (وأعطي ماله) ولو امرأة، فيصح تصرفها حينئذ ولا يحتاج إلى إذن الزوج. وأما ما رواه أبو داود لا تتصرف المرأة إلا بإذن زوجها فأشار الشافعي إلى ضعفه، وعلى تقدير صحته فمحمول على الأولى. (وقيل يشترط فك القاضي) لأن الرشد يحتاج إلى نظر واجتهاد. ورد بأنه حجر ثبت بغير حاكم فلم يتوقف زواله على إزالة الحاكم كحجر المجنون. وإنما جمع المصنف بين الانفكاك واعطاء المال ليحترز عن مذهب مالك في المرأة فإنه قال: لا يسلم المال إلى المرأة حتى تتزوج فإذا تزوجت يدفع إليها بإذن الزوج، ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث ما لم تصر عجوزا، فقال له الشافعي: أرأيت لو تصدقت بثلث مالها ثم بثلث الثلثين ثم بثلث الباقي هل يجوز التصرف الثاني والثالث إن جوزت سلطتها على جميع المال بالتبرع وإن منعت منعت الحر البالغ العاقل من ماله؟ ولا وجه له. (فلو بذر بعد ذلك) أي بعد بلوغه رشيدا، (حجر) أي حجر القاضي (عليه) لا غيره من أب وجد لأنه في محل الاجتهاد، وإنما حجر عليه لآية: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * أي أموالهم، لقوله تعالى: * (وارزقوهم فيها واكسوهم) *، ولخبر: خذوا على يد سفهائكم رواه الطبراني بإسناد صحيح. ونقل الروياني عن الشافعي أن القاضي إذا حجر عليه استحب أن يرد أمره إلى الأب والجد، فإن لم يكن فسائر العصبات لأنهم أشفق. ويسن له أن يشهد على حجر السفيه وإن رأى النداء عليه ليتجنب في المعاملة فعل، وعلى هذا لو عاد رشيدا لم يرتفع الحجر إلا برفع القاضي له كما لا يثبت إلا به. (وقيل: يعود الحجر بلا إعادة) كالجنون وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح، والمشهور أن هذا هو السفيه المهمل، ويطلق أيضا على من بلغ غير رشيد، وهذا لا يصح تصرفه، فالخلاف في التسمية فقط.
ولا حجر بالغبن في تصرف دون تصرف لتعذر اجتماع الحجر وعدمه في شخص واحد، ويؤيد ذلك قوله (ص) لمن قال له إنه يخدع في بعض البيوع: من بايعت فقل لا خلابة. ولا حجر بالشحة على النفس مع اليسار لينفق بالمعروف لأن الحق له. وقيل: يحجر عليه، قال الماوردي: والقائل به لم يرد حقيقة الحجر فإنه صرح بأنه لا يمنع من التصرف ولكن ينفق عليه بالمعروف من ماله إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله لشدة شحه فيمنع من التصرف فيه لأن هذا أشد من التبذير. (ولو فسق) مع صلاح تصرفه في ماله بعد بلوغه رشيدا، (لم يحجر عليه في الأصح) لأن الأولين لم يحجروا على الفسقة والثاني: يحجر عليه كالاستدامة وكما لو بذر. وفرق الأول بين استدامته بالفسق المقترن بالبلوغ وبين ما هنا بأن الأصل ثم بقاؤه، وهنا ثبت الاطلاق، والأصل بقاؤه، وبينه وبين الحجر يعود التبذير بأن الفسق لا يتحقق به إتلاف المال ولا عدم إتلافه بخلاف التبذير. (و) على أنه لا بد من حجر القاضي في عود التبذير (من حجر عليه لسفه) أي سوء تصرف (طرأ، فوليه القاضي) لأنه الذي يعيد الحجر عليه، إذ ولاية الأب ونحوه قد زالت
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429