وعلى الثاني وجهان: أحدهما كذلك، والثاني: الحاكم فقط. ونسب الجوري الأول إلى عامة الأصحاب، والثاني إلى ابن سريج. ويختبر المرأة النساء والمحارم كما نقله ابن كج عن نص المختصر والبويط. (فعلى الأول الأصح) بالرفع، (أنه لا يصح عقده) لما مر من بطلان تصرفه، (بل) يسلم إليه المال و (يمتحن في المماكسة، فإذا أراد العقد عقد الولي) لما تقرر من بطلان تصرفه. والثاني: يصح عقده للحاجة. وعلى الوجهين لو تلف المال في يد الممتحن لم يضمنه الولي لأنه مأمور بالتسليم إليه. وينبغي أن يختبر السفيه أيضا، فإذا ظهر رشده عقد لأنه مكلف. (فلو بلغ غير رشيد) لاختلال صلاح الدين أو المال، (دام الحجر) عليه لمفهوم الآية السابقة، فيتصرف في ماله من كان يتصرف فيه قبل بلوغه. وقوله: دام الحجر، أي الجنس لا حجر الصبا لانقطاعه بالبلوغ كما مر ويخلفه غيره. (وإن بلغ رشيدا انفك) الحجر عنه (بنفس البلوغ) أو غير رشيد ثم رشد فبنفس الرشد (وأعطي ماله) ولو امرأة، فيصح تصرفها حينئذ ولا يحتاج إلى إذن الزوج. وأما ما رواه أبو داود لا تتصرف المرأة إلا بإذن زوجها فأشار الشافعي إلى ضعفه، وعلى تقدير صحته فمحمول على الأولى. (وقيل يشترط فك القاضي) لأن الرشد يحتاج إلى نظر واجتهاد. ورد بأنه حجر ثبت بغير حاكم فلم يتوقف زواله على إزالة الحاكم كحجر المجنون. وإنما جمع المصنف بين الانفكاك واعطاء المال ليحترز عن مذهب مالك في المرأة فإنه قال: لا يسلم المال إلى المرأة حتى تتزوج فإذا تزوجت يدفع إليها بإذن الزوج، ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث ما لم تصر عجوزا، فقال له الشافعي: أرأيت لو تصدقت بثلث مالها ثم بثلث الثلثين ثم بثلث الباقي هل يجوز التصرف الثاني والثالث إن جوزت سلطتها على جميع المال بالتبرع وإن منعت منعت الحر البالغ العاقل من ماله؟ ولا وجه له. (فلو بذر بعد ذلك) أي بعد بلوغه رشيدا، (حجر) أي حجر القاضي (عليه) لا غيره من أب وجد لأنه في محل الاجتهاد، وإنما حجر عليه لآية: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * أي أموالهم، لقوله تعالى: * (وارزقوهم فيها واكسوهم) *، ولخبر: خذوا على يد سفهائكم رواه الطبراني بإسناد صحيح. ونقل الروياني عن الشافعي أن القاضي إذا حجر عليه استحب أن يرد أمره إلى الأب والجد، فإن لم يكن فسائر العصبات لأنهم أشفق. ويسن له أن يشهد على حجر السفيه وإن رأى النداء عليه ليتجنب في المعاملة فعل، وعلى هذا لو عاد رشيدا لم يرتفع الحجر إلا برفع القاضي له كما لا يثبت إلا به. (وقيل: يعود الحجر بلا إعادة) كالجنون وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح، والمشهور أن هذا هو السفيه المهمل، ويطلق أيضا على من بلغ غير رشيد، وهذا لا يصح تصرفه، فالخلاف في التسمية فقط.
ولا حجر بالغبن في تصرف دون تصرف لتعذر اجتماع الحجر وعدمه في شخص واحد، ويؤيد ذلك قوله (ص) لمن قال له إنه يخدع في بعض البيوع: من بايعت فقل لا خلابة. ولا حجر بالشحة على النفس مع اليسار لينفق بالمعروف لأن الحق له. وقيل: يحجر عليه، قال الماوردي: والقائل به لم يرد حقيقة الحجر فإنه صرح بأنه لا يمنع من التصرف ولكن ينفق عليه بالمعروف من ماله إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله لشدة شحه فيمنع من التصرف فيه لأن هذا أشد من التبذير. (ولو فسق) مع صلاح تصرفه في ماله بعد بلوغه رشيدا، (لم يحجر عليه في الأصح) لأن الأولين لم يحجروا على الفسقة والثاني: يحجر عليه كالاستدامة وكما لو بذر. وفرق الأول بين استدامته بالفسق المقترن بالبلوغ وبين ما هنا بأن الأصل ثم بقاؤه، وهنا ثبت الاطلاق، والأصل بقاؤه، وبينه وبين الحجر يعود التبذير بأن الفسق لا يتحقق به إتلاف المال ولا عدم إتلافه بخلاف التبذير. (و) على أنه لا بد من حجر القاضي في عود التبذير (من حجر عليه لسفه) أي سوء تصرف (طرأ، فوليه القاضي) لأنه الذي يعيد الحجر عليه، إذ ولاية الأب ونحوه قد زالت