أحدهما بأولى من الآخر فلذلك وجب فيهما (قلت) الوجوب عندهم هنا ليس معناه أنه يأثم بتركه على ما تقدم بل معناه أنه متى لم يحصل انفسخ العقد وتعليق انفساخ العقد على عدم قبض أحدهما غير ممتنع وقد تمسكوا في الوجوب فيهما بالتسوية بين العوضين قال أصحابنا التسوية لحق المتعاقدين فينبغي إذا أسقطاها أن يسقط وان ذلك يبطل بما إذا باع درهما بثوبين يجوز الاقتصار على قبض أحد البدلين مع فقدان التسوية (وأما) قولهم إن عينا بعين تأكيد لقوله يدا بيد فذلك يستدعى أن يكون جمع بينهما في حديث واحد وأن يكون عينا بعين متأخر حتى يصلح أن يكون مؤكدا وهو في حديث أبي سعيد كما تقدم وفى لفظ المستدرك بتقديم يدا بيد على عينا بعين (وأما) في حديث عبادة فلم أقف عليه إلا في رواية الشافعي وفيها تقديم قوله عينا بعين على يدا بيد والمؤكد لا يكون سابقا على المؤكد فان جعلوا يدا بيد تأكيدا فالجواب ما قاله الإمام محمد بن يحيى تلميذ الغزالي سبق قوله عينا بعين يمنع هذا التأويل فان الصريح في معنى يستغنى عن التأكيد بمحتمل كيف وتنزيل اللفظ على فائدتين أولى من الحمل على واحدة وقولهم إن اليد آلة للتعيين كما هي آلة للاقباض فالجواب أنها متعينة للاقباض (وأما) التعيين فيشاركها فيه الإشارة بالرأس والعين وغير ذلك وقولهم لو كان كذلك لقال يدا من يد ليس بصحيح لأن قوله يد بيد معناه مقبوضا بمقبوض فعبر باليد عن المقبوض لأنها إليه من باب التعبير بالسبب الفاعلي عن المسبب وانتصابه على الحال أي حال كونه مقبوضا بمقبوض والباء للسببية فيدل على اشتراط القبض من الجانبين ولو قال من يد لم يفد ذلك ثم اشتهر هذا المجاز حتى صار حقيقة عرفية حيث أطلق يدا بيد لا يفهم منه في العرف غير التقابض وقد اعتضد أصحابنا في المسألة بالأثر والمعنى (أما) الأثر فحديث عمر رضي الله عنه مع مالك بن أوس وطلحة بن عبيد الله لما تصارفا وقوله لا تفارقه فلما نهى عمر مالكا عن مفارقة طلحة حتى يقبض منه واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (الا ها وها) ودل على أنه فهم منه التقابض لا مجرد الحلول وأنه أخذه من قاعدة الربا لا من قاعدة
(٧١)