ان الشافعي رضي الله عنه أومأ في موضع إلى أنه لا ترجح بالكثرة في أحد الخبرين وهما سواء واليه ذهب قوم من أصحاب أبي حنيفة اعتبارا بالشهادة حيث لم يرجح فيها بكثرة العدد ونقله في شرح اللمع المصنف عن بعض أصحابنا (ومنها) انهم أسن فان فيهم عثمان وعبادة وغيرهما ممن هم أسن من البراء وزيد كما قاله الشافعي رحمه الله في أسامة (ومنها) بالحفظ فان فيهم أبا هريرة وأبا سعيد وغيرهما ممن هو مشهور بالحفظ أكثر من البراء وزيد لهذا الحديث في زمان الصبا وهو موجوح بالنسبية إلى الأول * وإنما قلت إن تحمل البراء وزيد في حالة الصبا لأنهما قالا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتحادثنا) هكذا قال وعند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم كان سن كل منهما عشرا أو نحوها لما ذكر ابن عبد البر عن منصور بن سلمة الخزاعي انه روى باسناده إلى زيد ابن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره يوم أحد والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدري وسعيد بن حبيبة وعبد الله بن عمر * وعن الواقدي أن أول غزوة شهداها الخندق * ومن المرجحات أيضا أن حديث البراء وزيد مبيح وأحاديث عبادة وأصحابه محرمة وإذا تعارض المقرر والنقال فالمرجع الناقل عن حكم الأصل عند الجمهور وهو الذي جزم به المصنف وسليم لأنه يفيد حكما شرعيا خلاف لأبي عبد الله بن الخطيب حيث قال يقدم المقرر وان حصل التعارض في التحريم والإباحة من غير اعتضاد بأصل فالمحرم راجح على المبيح على أصح الوجهين عند أصحابنا ووافقهم الكرخي من الحنيفة وأبو يعلى من الحنبلية للاحتياط خلافا للغزالي منا وعيسى بن إبان من الحنفية وأبى هاشم وجماعة من المتكلمين حيث قالوا هما سواء وثم وجوه أخر من الترجيح لا تخفى عن الفطن والله تعالى أعلم * واعلم أن ترجيح أحد الدليلين على الآخر كالمتفق عليه بين الأئمة وهو المعلوم من
(٥٨)