جعلناه سلما وفى القسم الثاني لا يشترط قبض واحد منهما لأنه بيع محض وكلام المصنف رحمه الله يحتمل كلا من المعنيين أن تكون الحنطة مبيعة في الذمة نساء بالذهب فيكون سلما على أحد الوجهين أو بيعا في معنى السلم على الوجه الآخر وحينئذ يكون الاستدلال بالاجماع في عين المسألة وهذا الذي يشعر به كلام الشيخ أبى حامد ويحتمل أن يكون مراده بيع الحنطة المعينة بذهب في الذمة نساء وحينئذ لا يكون نساء فيكون حكمه مأخوذا من القياس على السلم الثابت بالاجماع فالاجماع المذكور دليل الأصل المقيس عليه ولما كان الالحاق جليا بعد ثبوت الأصل المقيس عليه سكت عن ذكره ثم إذا جاز البيع نسيئة تبعه جواز التفرق قبل التقابض لأن كل عوضين حرم التفرق فيهما قبل التقابض حرم النساء فيهما ومالا فلا ولا ينتقض ببيع الجوهرة بالجوهرة فإنه يجوز التفرق قبل القبض إذا كانتا حاضرتين ولا يجوز النساء فيهما لأن التحريم في ذلك لا يرجع إلى النساء بل لكونه لا يضبط بالصفة فيكون المسلم فيه مجهولا ولم أر أحدا من أصحابنا ولا من غيرهم ذكر خلافا في هذه المسألة أعني جواز بيع الحنطة بالذهب والشعير بالفضة نساء ولا أشعر به إلا أبا محمد بن حزم الظاهري فإنه قال في كتابه المسمى مراتب الاجماع، واتفقوا على أن الابتياع بدينارين أو دراهم حالة في الذمة غير مقبوضة أو بها إلى أجل محدود بالأيام أو الأهلة والساعات والأعوام القمرية ما لم يتطاول الأجل جدا جائز ما لم يكن المبيع شيئا مما يؤكل أو يشرب فان الاختلاف في جواز بيع ذلك بالدراهم والدنانير إلى أجل موصوف وأما حالا فلا خلاف أن ذلك جائز واختلفوا فيما عدا الدراهم والدنانير في كلا الوجهين المذكورين فتضمن كلام ابن حزم اثبات خلاف في ذلك ويمكن أن يحتج له بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بعد ذكره الأشياء الستة (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف
(١٧٤)