ليس بين يديه سترة وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه فما بالي ذلك " رواه أبو داود باسناد حسن قال أبو داود وإذا اختلف الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى عمل به أصحابه وعن ابن عباس قال " كنت رديف الفضل على أتان فجئنا والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى فنزلنا عنها فوصلنا الصف فمرت بين أيديهم فلم تقطع صلاتهم " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح واما الجواب عن الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها فمن وجهين أصحهما وأحسنهما ما أجاب به الشافعي والخطابي والمحققون من الفقهاء والمحدثين ان المراد بالقطع القطع عن الخشوع والذكر للشغل بها والالتفات إليها لا انها تفسد الصلاة قال البيهقي رحمه الله ويدل على صحة هذا التأويل ان ابن عباس أحد رواة (1) قطع الصلاة بذلك ثم روى عن ابن عباس انه حمله على الكراهة فهذا الجواب هو الذي نعتمده واما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ فليس بمقبول إذ لا دليل عليه ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع وهي في آخر الامر أن يكون ناسخا إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده وقد علم وتقرر في الأصول ان مثل هذا لا يكون ناسخا مع أنه لو احتمل النسخ لكان الجمع بين الأحاديث مقدما عليه إذ ليس فيه رد شئ منها وهذه أيضا قاعدة معروفة والله أعلم.
(المسألة الرابعة) يكره أن يصلي وبين يديه رجل أو امرأة يستقبله ويراه وقد كرهه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما ولأنه يشغل القلب غالبا فكره كما كره النظر إلى ما يلهيه كثوب له أعلام ورفع البصر إلى السماء وغير ذلك مما ثبتت فيه الأحاديث الصحيحة وقال البخاري في صحيحه كره عثمان رضي الله عنه أن يستقبل الرجل وهو يصلي قال البخاري وإنما هذا إذا اشتغل به فاما إذا لم يشتغل به فقد قال زيد بن ثابت ما باليت ان الرجل لا يقطع صلاة الرجل ثم احتج البخاري بحديث عائشة المذكور في المسألة الثالثة وليس في حديث عائشة ما يخالف ما ذكرناه أو لا لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي وهي مستقبلته بل كانت مضطجعة واضطجاعها في ظلام الليل فوجودها كعدمها إذ لا ينظر إليها ولا يستقبلها * (فرع) لا تكره الصلاة إلى النائم وتكره إلى المتحدثين الذين يشتغل بهم فاما عدم الكراهة في النائم فلحديث عائشة السابق واما الكراهة في المتحدث فلشغل القلب ولما ذكرناه في المسألة الرابعة وأما حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث " فرواه أبو داود ولكن ضعيف باتفاق الحفاظ وممن ضعفه أبو داود وفى اسناده رجل مجهول لم يسم قال الخطابي هذا الحديث لا يصح وقد ثبت حديث عائشة قال فاما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي واحمد لان كلامهم يشغل المصلى عن صلاته *