أبو محمد الجويني والبغوي وغيرهما واحتج هؤلاء بحديث عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى أن يكون الامام مؤذنا " رواه البيهقي وقال هو ضعيف بمرة وقال القاضي أبو الطيب قال أبو علي الطبري الأفضل ان يجمع الرجل بين الأذان والإمامة ليحوز الفضيلتين وبهذا قطع صاحب الحاوي وهو الأصح وفيه حديث جيد سنذكره في مسألة الأذان قائما ونقل الرافعي عن ابن كج أيضا انه استحب الجمع بينهما قال ولعله أراد الأذان لقوم والإمامة لآخرين (قلت) وإذا لم يثبت في الجمع بينهما نهي فكراهته خطأ فحصل وجهان الصحيح انه يستحب وقد قال القاضي أبو الطيب في أول صفة الصلاة في مسألة لا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة أجمع المسلمون على جواز كون المؤذن اماما واستحبابه قال صاحب الحاوي في كل واحد من الأذان والإمامة فضل وللإنسان فيهما أربعة أحوال حال يمكنه القيام بهما والفراغ لهما فالأفضل أن يجمع بينهما وحال يعجز عن الإمامة لقلة علمه وضعف قراءته ويقدر على الأذان لعلو صوته ومعرفته بالأوقات فالانفراد للأذان أفضل وحال يعجز عن الأذان لضعف صوته وقلة ابلاغه ويكون قيما بالإمامة لمعرفة أحكامه الصلاة وحسن قرآنه فالإمامة أفضل وحال يقدر على كل واحد ويصلح له ولا يمكنه الجمع فأيهما أفضل فيه وجهان * قال المصنف رحمه الله * * (فان تنازع جماعة في الأذان وتشاحوا أقرع بينهم لقوله صلى الله عليه وسلم " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) * * * (الشرح) * هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة والاستهام الاقتراع والنداء بكسر النون وضمها لغتان مشهورتان الكسر أشهر وبه جاء القرآن وقوله إذا تنازعوا أقرع هذا إذا لم يكن للمسجد مؤذن راتب أو كان له مؤذنون وتنازعوا في الابتداء أو كان المسجد صغيرا وأدى اختلاف أصواتهم إلى تهويش فيقرع ويؤذن واحد وهو من خرجت له القرعة أما إذا كان هناك راتب ونازعه غيره فيقدم الراتب وإن كان جماعة مرتبون وأمكن أذان كل واحد في موضع من المسجد لكبره اذن كل واحد وحده وإن كان صغيرا ولم يؤد اختلاف أصواتهم إلى تهويش أذنوا دفعة واحدة والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * * (ومن أصحابنا من قال هما من فروض الكفاية فان اتفق أهل بلد أو صقع على تركها قوتلوا عليه لأنه من شعائر الاسلام فلا يجوز تعطيله وقال أبو علي بن خيران وأبو سعيد الإصطخري هو سنة الا في الجمعة فإنه من فرائض الكفاية فيها لأنها لما اختصت الجمعة بوجوب
(٨٠)