والله أعلم أن مكثه لكي ينفد النساء قبل أن يدركهن من أنصرف من القوم " رواه البخاري في مواضع كثيرة من صحيحه ولان الاختلاط بهن مظنة الفساد (1) لان مزينات للناس مقدمات على كل الشهوات قال الشافعي في الأم فان قام الامام قبل ذلك أو جلس أطول من ذلك فلا شئ عليه قال وللمأموم أن ينصرف إذا قضي الامام السلام قبل قيام الإمام قال وتأخير ذلك حتى ينصرف بعد انصراف الامام أو معه أحب إلي قال الشافعي في الأم والأصحاب إذا انصرف المصلى أماما كان أوما مأموما أو منفردا فله أن ينصرف عن يمينه وعن يساره وتلقاء وجهه رواه (2) ولا كراهة في شئ من ذلك لكن يستحب إن كان له حاجة في جهة من هذه الجهات أن يتوجه إليها وإن لم يكن له حاجة فجهة اليمني أولي واستدل الشافعي في الأم والأصحاب " بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شأنه كله وقد سبقت الأحاديث الصحيحة في ذلك في باب صفة الوضوء في فصل غسل اليدين وجاء في هذه المسألة حديث ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال " لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته لا يرى إلا أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره " رواه البخاري و (3) مسلم قال " أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه " وعن هلب بضم الهاء الطائي رضي الله عنه " أنه صلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف عن شقيه " رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم باسناد حسن فهذه الأحاديث تدل على أنه يباح الانصراف من الجانبين وإنما أنكر ابن مسعود رضى الله تعالى عنه على من يعتقد وجوب ذلك * (فرع) إذا أراد أن ينفتل في المحراب ويقبل على الناس للذكر والدعاء وغيرهما جاز أن ينفتل كيف شاء وأما الأفضل فقال البغوي الأفضل أن ينفتل عن يمينه وقال في كيفيته وجهان (أحدهما) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يدخل يمينه في المحراب ويساره إلى الناس ويجلس على يمين المحراب (والثاني) وهو الأصح يدخل يساره في المحراب ويمينه إلى القوم ويجلس على يسار المحراب هذا لفظ البغوي في التهذيب وجزم البغوي في شرح السنة بهذا الثاني واستدل له بحديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال " كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته يقول في قنوته رب قنى عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك " رواه مسلم وقال امام الحرمين إن لم يصح في هذا حديث فلست أرى فيه الا التخيير * (فرع) قال أصحابنا إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة ان يرجع إلى بيته لفعل النافلة
(٤٩٠)