للإمام بما أنه إمام المسلمين، وظاهر الأخبار الدالة على وجوب الخمس في المعدن كون الباقي بعد الخمس لمن أخرجه فكيف الجمع بين هذين الأمرين؟
ويمكن أن يجاب عن ذلك أولا: بأن جعل الخمس فيها لعله كان من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) بما هم أئمة، وحكما سلطانيا بعنوان حق الاقطاع، فيكون نفس ذلك إذنا منهم - عليهم السلام - في استخرج المعادن بإزاء تأدية الخمس من حاصلها.
وثانيا: باحتمال كون التخميس حكما شرعيا إلهيا ثابتا لمن أخرج المعادن بإذنهم - عليهم السلام - ولو بالتحليل المطلق في عصر الغيبة. وكون الخمس بعنوان حق الإقطاع لا يقتضي اختصاص الإمام - عليه السلام - به وعدم صرف نصفه إلى السادة كما توهم، إذا هو تابع لكيفية جعل الإمام إياه.
هذا مضافا إلى ما يأتي منا من احتمال كون الخمس بأجمعه مطلقا حقا وحدانيا ثابتا للإمام كما يدل عليه بعض الأخبار ويعبر عنه بحق الإمارة غاية الأمر أن إدارة أمر فقراء بني هاشم تكون من وظائف الإمام ومن شؤونه بما أنهم من أغصان شجرة النبوة والإمامة، فتدبر. هذا.
وتحليل الأئمة (عليهم السلام) الأنفال لشيعتهم في عصر الغيبة لا ينافي جواز دخالة الحاكم الشرعي فيها مع بسط يده، إذ الظاهر أن التحليل صدر عنهم توسعة للشيعة عند عدم بسط اليد للحكومة الحقة وعدم تصرفها فيها بنفسها.
وعلى هذا فإذا فرض تصرف الحكومة الحقة في المعادن واستخراجها لها مباشرة فالظاهر عدم تعلق الخمس بها حينئذ، إذ الخمس كما عرفت ضريبة إسلامية، ومورده هو ما يغنمه الناس فلا يتعلق بما يغنمه الدولة والحكومة بنفسها، وسيأتي لذلك تفصيل في مبحث الأنفال.